ألان ديلون مع ابنته أنوشكا
اعتاد الفنانون والروائيون أن يسمعوا السؤال التالي: أيّ فيلم تفضلّه على غيره من أفلامك؟ أو أيّ أغنية؟ أو أيّ رواية؟
الجواب الذي نسمعه في الأغلب هو: «أفضّلهم كلّهم مثل أبنائي. كلّهم سواسية. لا تفرقة بين أصابع يدي».
الأمر هذه المرة يتعلق بالممثل الفرنسي ألان ديلون. لقد بدأت معركة وراثته بين أبنائه، رغم أنه ما زال حياً يتنفس. وقد فتحت القضية جدلاً بين الفرنسيين، وباتت موضع تساؤل حتى في الأوساط القانونية. هل يجوز لأب أن يفرّق بين أبنائه في الميراث؟
ألان ديلون ليس نجماً سينمائياً شهيراً، فحسب، كان الأكثر أجراً بين ممثلي الصف الأول على مدى عقود. وهو أمر سمح له بأن يتمتع بثروة طائلة، وأن يستثمر أمواله في أكثر من مجال. وهو اليوم عجوز تجاوز الثمانين، يمتلك ثروة تقدّر بنحو 300 مليون يورو. تزوج مرتين، وله ولد من زوجته الأولى، وولد وبنت من الثانية.
ومع ابنه أنتوني
قبل أشهر بدأت الخلافات بين الأبناء تظهر للعلن. إن الأب مريض، وفاقد لقدراته بعد إصابته بجلطة في الدماغ، لكنه كتب وصية وأعلنها، جاء فيها أنه يخصّ فيها ابنته أنوشكا بنصف ثروته، على أن يتقاسم الولدان أنتوني وفابيان الباقي. والكل يعرف أن أنوشكا هي روح أبيها، وكانت المدللة منذ سنواتها الأولى، يتبعها بنظراته ويتغزّل بها في كل مناسبة. يقول إنها تشبه حبيبة عمره الممثلة الراحلة، رومي شنايدر، وهو قد شجّع ابنته على العمل في الفن، وظهر معها في مسرحيات كتبت خصيصاً لهما.
أين المشكلة؟ حسب القانون الفرنسي لا يجوز التفرقة في الإرث، ولا في الهِبات بين الأبناء والبنات. وبهذا، فإن القانون في هذه البلاد يختلف عنه في بريطانيا أو الولايات المتحدة. أما الوصية التي يتركها الأب، أو غيره، فلا يجري الأخذ بها سوى بنسبة محددة. ويمكن للابن المغبون أن يطعن أمام المحكمة في وصية أبيه.
وهناك تفاصيل أخرى، منها أن ديلون حاصل على إقامة في سويسرا، البلد الذي يلجأ إليه الأثرياء الفرنسيون للتهرب من الضرائب الباهظة في بلدهم. وفي حال الوفاة، فإن أنوشكا مقيمة في سويسرا، وهي لن تدفع ضريبة كبيرة على حصتها من إرثه، بينما سيدفع كل واحد من الأخوين ضريبة تزيد على أربعين في المئة من الإرث لأنهما يقيمان في فرنسا، ويتبعان القانون الساري فيها.
يتساءل كثيرون عن صواب تفضيل ولد على آخر. ونحن قد نفهم التفضيل في حال كان أحد الأبناء عاقاً بوالده، بينما كان شقيقه بارّاً به. لكن أبناء ديلون كلهم يحبّونه، ولم يبدر منهم ما يسيء إليه. فهل يعترف القضاء بقانون القلوب؟ أي أن يميل القلب إلى ناحية دون أخرى؟ كثيرون يرون أن التفرقة في الإرث تخلق عداء بين الورثة، وهو عداء سيقود إلى محاكمات تشوّه سيرة الأب الذي عاش ممثلاً محبوباً، ذا تاريخ فنيّ حافل.
ألان ديلون مريض لا حول له ولا قوة. ولم يكن يريد لأبنائه أن يتنازعوا مثلما تنازع أبناء المغني جوني هاليداي بعد وفاته. لكن الفتنة بدأت من قبل أن يناله أمر الله... يا لبئس الخاتمة!