بوشر، هذا الأسبوع، بعرض فيلم Dune 2 للمخرج دنيس ڤلنيَف، فانتازيا- الولايات المتحدة 2024، الذي أخرج الجزء الأول قبل 3 سنوات. الجزء الجديد أفضـل في نواحٍ، ويعاني مشاكـل الجزء الأول في نواحٍ أخرى.
الكوكب صحراوي بالكامل. لا شيء سوى كثبان الرمال والصخور العالية فوق بعض هضابها. تحت الأرض هناك ديدان ضخمة تلتهم البشر، إذا ما سنحت لها الفرصة بذلك. هناك عناكب سامّة، وأصوات شبحية، وفوق كل ذلك غارات تقوم بها قوات هاركونن ،ليست بعيدة عن الغارات العسكرية فوق كوكب الأرض.
بول بحاجة إلى شعب هذا الكوكب الذي يرتدي أبناؤه ثياباً تبدو عربية التصاميم، مع «حطّات» رؤوس، كتلك التي تشتهر بها القبائل العربية في شمال أفريقيا. في أحد المشاهد يتحدّثون عن أمور معيّنة، وفي آخر يقوم خافييه باردم بالركوع والسجود بطريقة تشبه ركوع وسجود المسلمين.
هناك لقاء بين هذه الحبكة، وتلك التي في أفاتار، رغم اختلاف كل التفاصيل الأخرى. في كلا الفيلمين هناك كوكب بعيد يعيش فيه شعب قنوع، امتلك ذلك الكوكب الحافل بعناصر الحياة الآمنة. في كليهما، هناك قوّة تأتي لكي تحتل وتستعمر، لكي تستثمر خيرات ذلك الكوكب (في «أفاتار» الأول إشارات تحاكي ما حدث للقبائل الأمريكية عندما انتشر البيض فوق القارة). هناك فرد واحد يرفض ما يقوم به المحتلّون (من أهل كوكب الأرض في «أفاتار» ومن كواكب أخرى في «كثبان») وينضم إلى المتمرّدين.
عدا ذلك، هناك اختلافات كبيرة بين الاثنين، تدحض أي اعتقاد بأن أحدهما استعار من الآخر مقداره من الأحداث والدراميات المترامية، على طول حكاية كل منهما.
المخرج دنيس فلنيَف
بعض هذه الفروقات العنصر الزمني للأحداث في كل منهما. «كثبان» هو عن مستقبل خالٍ من التكنولوجيا، أما «أفاتار»، التكنولوجيا، كحال سلسلة «ستار وورز»، أساسية.
هذا يعود، في الواقع، إلى أن هربرت فرانك لم يكتب رواية من الخيال العلمي، لذلك من الخطأ اعتبار أن «كثبان» ينتمي إلى هذا الميدان الشاسع. هو، بتعبير دقيق، خيال، وليس عِلماً. كل ما يقع فيه يشبه أزمنة سالفة على الأرض، وبعض المشاهد في الجزء الأخير من الفيلم تشبه تلك التي استخدمها ردلي سكوت في «غلادياتور».
إحدى مشاكل الفيلم هي أداء شالامات لدوره هذا. هو أفضل هنا من أدائه في الجزء الأول. هناك بدا كما لو أنه يطرق باب رأسه باحثاً عن معاني الفيلم، أو ربما حقيقة ما أُسند إليه. هنا هو أكثر إدراكاً، لكنه في الفيلمين ما زال بارداً حيال كل شيء. حتى القبلة التي يتبادلها مع زندايا فوق كثبان الصحراء (فيما قُصد به أن يكون لمسة رومانسية)، فإن زندايا هي التي تضع حاستها العاطفية بينما يحافظ شالامات على برودته.
هذا لا يمكن أن يكون مطلباً من المخرج، أو إيعازاً من الرواية (شخصية بول في ما قرأته من رواية فرانك توفر شخصية حماسية تجسد معاني البطولة)، بل هو استمرار لأداء لا يريد (أو لا يعرف كيف) التعبير عن أحاسيسه. لذلك، عندما ينتقل موقف بول من الضحية إلى القيادة، وباستثناء تهليل المحيطين به، وابتساماته التي أريد لها أن تكون واثقة، يبقى اللا-تعبير الموازي للا-تمثيل حاضراً.
يتمنى المرء لو أنه امتلك قدراً من موهبة الممثل كايل مكللاغلن، الذي لعب الدور ذاته في نسخة لينش. هي نسخة مختلفة كثيراً عن «كثبان»، في جزأيه، ليس على صعيد الحكاية بالطبع، بل على صعيد البصريات المستخدمة لتجسيد العالم والأحداث التي تمر تلك الحكاية بها.