كرانت هارولد
يقول المثل إن الهدية على قدر المُهدي، أي تناسب من يهديها. وكانت مدام بيتنكور، صاحبة شركة (لوريال)، وأغنى امرأة في فرنسا، قد أهدت صديقاً لها جزيرة في الكاريبي سعرها كذا مليون يورو. ولما اعترضت ابنتها على الهدية، واتهمت والدتها بتبديد ثروتها، أجابت الأم: «أملك عشرات المليارات ومن الطبيعي أن أقدّم هدية تليق بي!»
حديثي اليوم ليس عن (لوريال)، ولا عن السيدة التي كانت تعوم فوق بحر من الشامبو ومستحضرات التجميل. أكتب عن ملك بريطانيا الذي زعمت وسائل إعلام روسية أنه فارق الحياة مساء الأحد، السابع عشر من هذا الشهر. ومن المعروف أن الملك مريض، هناك غموض يحيط بتفاصيل حالته، لكن من المؤسف أن تتحول أعمار البشر إلى مادة للشائعات.
سارعت سفارة بريطانيا في أوكرانيا إلى نشر بيان من بضع كلمات: «الخبر حول وفاة تشارلز الثالث كاذب».
تشارلز حيّ يُرزق، إذاً، فما جديده الذي يدفعني للكتابة عنه؟ الجديد تصريحات للمرافق الذي كان مسؤولاً عن الاعتناء بشؤون الملك الخاصة، مثل تنظيم غرفته وثيابه، والاهتمام بدقائق نظافته اليومية. وقد بات في حكم المقرر أن ينشر المساعدون، والمربِّيات، والطباخون، كتباً حال خروجهم من الخدمة، يكشفون فيها بعض خفايا المشاهير الذين اشتغلوا لديهم.
عمل كرانت هارولد سبع سنوات في خدمة تشارلز، في قصر «هايجروف»، عندما كان ولياً للعهد. وفي مقابلة مع صحيفة «الميرور»، تحدث عن الهدايا التي كان يتلقاها من الأمير بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة. هل تشبه هدايا أولياء العرش هدايا غيرهم من عامة الناس؟ أنا مثلاً أحب أن أهدي الأوشحة الملوّنة لصديقاتي، أو عقود الفضة، فماذا يهدي الرجل الجالس حالياً على عرش إمبراطورية لم تكن تغيب عنها الشمس؟
يقول السيد هارولد إن لكل واحد من خدم القصر خزانة صغيرة يتلقى فيها رسائله. وقد اعتاد الأمير أن يضع لهم في الخزنة هدايا صغيرة وطريفة بمناسبة العيد. ففي إحدى المرات تلقّى المساعد علبة من سمك السالمون، وفي سنة أخرى كانت الهدية مطحنة للملح وللفلفل مربوطة بشريط. ومن الأمور المعتادة لموظفي القصر تلقّي سلالاً من مأكولات متنوعة، عبوات أجبان صغيرة، وشوكولاتة، ومربَّيات بيتية الصنع، أو فواكه غير مسمّدة من مزارع الملك.
في إحدى المرات تلقى هارولد إبريقاً صغيراً للماء. وهو بالتأكيد يشعر بالإحباط، لأنه كان يتوقع أن يجد في خزانته هدايا أكبر قيمة. ساعة يد مثلاً ذات سوار ذهبي، أو هاتفاً ذكياً من أحدث طراز. أليس المانح هو ملك البلاد؟ وهو فوق ذلك يمتلك ثروة طائلة...
لا عزاء للسادة في قصور تشارلز!