تمرّ السينما العربية، حالياً، بمرحلة تحمل قدراً من التناقض. من ناحية تشهد إبحار أفلام من تونس والسعودية والعراق ولبنان والجزائر والمغرب ومصر، إلى المهرجانات العالمية. بعضها يفوز بالجوائز، وبعضها يشهد اهتماماً لافتاً، على أقل تقدير.
من ناحية أخرى، نعرف جميعاً أن ظهور فيلم عربي ما، في مهرجان غربي، لا يعني أكثر من فوز مخرجه بحضور ملائم لطموحاته من نوع «من جدّ وجد». لكن هذا الفوز لا يعني انتصار السينما العربية على مشاكلها الداخلية.
تحديداً، طالما أن الفيلم العربي لا يعرض إلا في بلده (وأحياناً في بلدين عربيين آخرين)، فإنه لن يستطيع تحقيق معادلة تجارية- جماهيرية يحتاج الفيلم العربي البديل إليها. هذا طبعاً مع العلم أن الكثير من الأفلام العربية الجيدة تموت واقفة في مكانها، لا تتاح لها فرصة العرض حتى في بلادها.
إنها المشكلة ذاتها التي عانتها السينما العربية البديلة والمستقلة سابقاً، ففي الستينات والسبعينات، لم يتحقق لها الاستمرار، تبعاً لظروف معقّدة، منها ما هو سياسي، ومنها ما هو أمني، وبعضها الأكبر تبعاً لعدم معرفة «الكيفية»، (أو كما يقولون في الغرب The Know How).
على سبيل المثال، كانت هناك موجات من الأفلام العربية التي حاولت، خصوصاً في مصر ولبنان، توفير بديل للسائد. لحين اشترك في هذه الرغبة سينمائيون من لبنان والعراق ومصر وسوريا والمغرب وتونس وموريتانيا والكويت، لكنها احتاجت في نهاية المطاف إلى منهج يوحّدها ويضمن لها التوزيع. هذا لم يحدث.
الفارق بين الزمن الحاضر، وذلك الذي مضى، هو أن العديد من الأفلام العربية في السنوات العشرين الأخيرة، على الأخص، شقّت طريقها صوب المهرجانات الغربية، في حين بقيت معظم أفلام الستينات وما تلاها في السبعينات محصورة في عروض محلية فقيرة.
لا بدّ من حلّ، لا يملكه الناقد بل يقترحه، وهو أن تقوم هيئة عربية واحدة بدراسة وضع السينما، والدفع صوب فرض الفيلم الجاد تسويقياً في بلاد العرب لكي يستعيد كلفته، ويكفّ عن اعتماد التمويل الأجنبي.