على عكس المواسم السابقة، من وجود شكوى من حالتَي استخفاف واستسهال في صناعة الأعمال الكوميدية، كان هناك اهتمام كبير، هذا العام، بالتعامل مع الكوميديا، ما وضح من خلال الأعمال التي تم تناولها من خلال الكوميديا، مثل «كامل العدد +1»، و«أشغال شقة»، وكذلك «بابا جه».
العمل الكوميدي الذي استطاع أن يحقق نسبة مشاهدة عالية، من دون أن يضطر إلى اللجوء إلى الابتذال والاستخفاف، هو مسلسل «بابا جه» الذي كتبه وائل حمدي، ومحمد إسماعيل أمين، وأخرجه خالد مرعي، ولعب بطولته أكرم حسني، مع نسرين أمين، ومحمد أوتاكا، وشاركتهم البطولة سماء إبراهيم، وفريال يوسف، والطفلة المميزة لافينيا نادر، ومعهم عدد كبير من ضيوف الشرف.
لعب مؤلف العمل، وائل حمدي، على اللجوء إلى الكوميديا من خلال الصدمات النفسية، وتيمة التفكك الأسري، بعيداً عن النمطية، وتكرار من سبقه في تناول هذه القضية الشائكة، في تحدٍّ جريء، بأحداث غير متوقعة مسبقاً، تحمل الكثير من الرسائل المهمة للآباء والأبناء، حيث دارت فكرة العمل حول الخلل الذي يمكن أن يصيب أي أسرة لسبب ما، وتقود الصدفة ربّ الأسرة إلى الدخول في العديد من المشاكل، وبدلاً من الخروج من المحنة، يدخل في العديد من التجارب التي تقوده في النهاية إلى الطريق الذي كان يبحث عنه، وتغيّر حياته وحياة أسرته، من خلال «ابليكشن» ولد بالصدفة بعنوان «بابا جه»، لتأجير أب لمن يكون في حاجة إليه.
نجح المؤلف وائل حمدي، في اختيار قالب الكوميديا ليضع فيها واحدة من أهم القضايا الاجتماعية، قضية إغفال الآباء احتياجات الأبناء، العاطفية والنفسية، قبل احتياجاتهم المادية، ما يجعلهم يمرون معاً، بالعديد من المشاكل الاجتماعية، والخروج بالعمل بصيغة مكتملة تقريباً، من دون الوقوع بين الاستخفاف أو المبالغة، ساعده في ذلك تقديمه في 15 حلقة فقط.
من كواليس المسلسل
كما استطاع مخرجه خالد مرعي أن يجذب المُشاهد منذ الحلقة الأولى بصورة تجمع بين الجديّة، وبهجة الكوميديا، وقدرة واضحة على قيادة فريق العمل، والأبطال الرئيسيين، أكرم حسني الذي لم يستجب لمناطق كثيرة بالعمل كان يمكن استغلالها في مزيد من «الافيهات» والاستظراف، بينه وبين المشاهد الكثيرة التي جمعته بالشخصية التي قدمها محمد أوتاكا»، فحرص كل منهما على عدم الانزلاق إلى هذا الإغراء.
والأمر نفسه في الشخصية التي أدّاها ياسر الطوبجي، في حين لم تتح الفرصة للشخصية التي قدمها مصطفى غريب، إذ لم تكن مساحتها كافية لاستغلال قدراته في الكوميديا، بينما لم تنل شخصية الزوجة التي قدمتها الفنانة نسرين أمين، اهتمام كاتب العمل، فرغم أهميتها بدت «باهتة» بمحاولة تصنّع الجدية طوال الوقت، بعكس شخصيات ضيوف الشرف التي كتبت بعناية، لتبقى شخصية الابنة التي قدمتها الطفلة لافينيا نادر، والتي كتبت بصورة تجمع بين فطرة الطفولة والذكاء الاجتماعي، راسخة، ولم تكن لتظهر بهذه الصورة لولا تفوق لافينيا بأدائها على كثير من أبطال العمل.
* القاهرة: أحمد إبراهيم
