01 أبريل 2024

صنّاع مسلسل "المعلّم" يبتعدون عن فيلم "شادر السمك" بصورة مثالية للبطل

فريق كل الأسرة

صنّاع مسلسل

بعد توقف عدة أيام، بسبب الحريق الكبير الذي شبّ في استوديو الأهرام، في نهاية الأسبوع الأول من شهر رمضان الجاري، والذي التهم بعض ديكورات مسلسل «المعلّم»، الذي يعرض حالياً، ويستمر حتى نهاية شهر رمضان، عاد فريق عمل المسلسل لاستئناف تصوير المشاهد المتبقية من العمل، بعد إعادة بناء بعض الديكورات التي احترقت، بخاصة أن شركة الإنتاج تعاملت بسخاء في بناء السوق الخاص بالسمك، ليكون أقرب إلى شكل السوق الحقيقي في مدينة العبور، ونسخة أقرب إلى الأصل بمساحة قريبة، وبالألوان نفسها تقريباً، ليضع المخرج مرقس عادل جدولاً زمنياً مكثفاً للانتهاء من التصوير خلال الأيام القليلة المقبلة، والتي قد تستمر حتى الأيام الأخيرة من شهر رمضان.

صنّاع مسلسل
لقطة من فيلم «شادر السمك»

يستمد مسلسل «المعلّم» فكرته الرئيسية من الفيلم الشهير «شادر السمك»، الذي قدّمه المخرج الراحل على عبد الخالق قبل 40 عاماً، وتحديداً في عام 1985، عن قصة نبيل نصار، سيناريو وحوار عبد الجواد يوسف، ولعب بطولته النجم الراحل أحمد زكي، وشاركته فيه النجمة نبيلة عبيد، وعدد كبير من النجوم والنجمات.

صنّاع مسلسل

كتب السيناريو والحوار لمسلسل المعلّم محمد الشواف، وأخرجه مرقس عادل، ويتناول المسلسل قضية الانتقام وآثاره السلبية في المجتمع، والحالة النفسية للمنتقم، حيث تدور أحداثه حول شخصية «المعلّم» التي يجسدها الفنان مصطفى شعبان، والذي أطلق عليه منذ طفولته «لقب المعلّم»، فظلّ اللقب ملازماً له، وأصبح يطلق عليه بعد أن تحوّل إلى بائع سمك صغير، لكنه يعيش وسط أسرته حياة هادئة بسيطة، حتى يسجن والده بسبب قضية مخدرات ظلماً، فيجد نفسه وسط صراعات مريرة لتجّار السوق الكبار، وأن عليه التصدي لهم، حيث يحاولون إبعاده عن السوق، وإنهاء اسمه تماماً بين كل تجار السمك، حتى لا تنكشف ألاعيبهم، وقيامهم بالاتجار في المخدرات، واتخاذ تجارة بيع السمك واجهة لذلك، حيث يقومون بالعديد من الممارسات غير القانونية، مثل تجارة المخدرات، والقتل، والسرقة، والبلطجة، والإدمان، يرتكبها كبار التجار في سوق السمك، وأبناؤهم.

صنّاع مسلسل

يقدّم المسلسل وجبة درامية متكاملة على قدر كبير من التشويق، عبر رسم خطوط حادة وواضحة، بين معسكر الشر، والخير الذي يتمثل في البطل الأقرب إلى المثالية، القوي الشهم، بينما يظهر السيناريو التشابه الواضح بين حياة الأسماك في البحار، وبين تجار السمك في السوق، حيث يأكل السمك الكبير الصغير بلا رحمة، ويقاوم «المعلّم» سيطرة كبار التجار في السوق، والذين تكمن قوتهم الحقيقية في الاتجار بالمخدرات، والاستعانة بالبلطجية، في الوقت الذي يؤكد فيه السيناريو الصورة الذهنية للمعلم الحقيقي ابن البلد «الجدع»، الذي يتزوج من «صيدلانية» رغم عدم استكماله دراسته.

ورغم ذلك تقع في حبه ابنة خصمه اللدود، وكذلك ابنة صديق والده، حيث يقدم السيناريو شخصية «المعلّم» بصورة أحادية الجانب، تحمل الخير، وتحارب الشر، بعكس الصورة التي قدمها فيلم «شادر السمك» لشخصية البطل، الذي بدأ في معسكر الخير فقيراً يبحث عن مجرد «العيش»، وعندما تأتيه الفرصة ليكون من الكبار، يحاول التهام كل الصغار، فينقلب عليه الجميع، ويكتبون نهايته.

صنّاع مسلسل

بخلاف شخصية البطل، استطاع السيناريو أن يرسم شخصية «المعلّم عنتر شداد»، التي لفت بها الأنظار النجم رياحنة، بأداء يمزج بين العاطفي والشر، الإنسان الذي يقف على الحافة بين نشأته في بيئة يغلب عليها الشر والأذى، وبين المحب الذي تلمع الدموع في عينيه عشقاً وقهراً، فاستطاع أن يضفي على دوره بعداً إنسانياً بأداء متلون. فيما تقدم الفنانة سلوى خطاب نموذجاً للمرأة التي بلا قلب، لا تفهم ولا تهتم سوى بالقوة والمال فقط، حتى إنها تزوّج زوجها بأخرى من دون اكتراث، من أجل الحفاظ على الإمبراطورية التي كوّناها معاً.

أيضاً برع السيناريو في رسم شخصيتي الصديقتين «زمزم» التي تجسدها الفنانة سهر الصايغ، زوجة المعلّم التي تصاب بسرطان الدم في مرحلة متأخرة، وتخفي عن زوجها حتى لا تؤلمه، وشخصية «دهب» التي تجسدها الفنانة هاجر أحمد، التي تحب «المعلّم» في صمت لأنه زوج صديقتها المخلصة.

أيضاً من الشخصيات التي أبدع السيناريست في رسمها شخصية «هيثم» التي يجسدها الفنان محمود الليثي، الفتوة المزيف، والتي برع الليثي في تجسيدها، لإظهار تركيبة الشخصية المعقدة، باعتباره يجمع بين متناقضات عدة، فهو جبان، يطمح إلى أن يصبح فتوّة، لكنه لا يملك شجاعة المواجهة، وفي الوقت نفسه لا يستطيع التخلي عن هذا الطموح، على الرغم من أنه لا يمتلك مقوماته، واقتناعه التام بذلك، ما يكون دائماً منطقة يستغلها المخرج لانتزاع ضحكات الجمهور، من آن لآخر، كما أجاد استغلالها في لحظة ميلودرامية انتزع بها دموع الجمهور، حينما يواجه حقيقته، ويرى ضعفه، وهزيمته من الحياة.

صنّاع مسلسل

فضلاً عن ذلك، فإن أحد أسباب نجاح العمل وجود عدد كبير من نجوم المسرح الكبار من ذوي الخبرة، منهم الفنانون أحمد فؤاد سليم، فتوح أحمد، أحمد بدير، مفيد عاشور، حجاج عبد العظيم، حسن العدل، أحمد الحلواني، وهشام عطوة، وغيرهم.

بذل المخرج الشاب مرقس عادل جهداً واضحاً في قيادة الممثل، ما انعكس بشكل واضح على بطل العمل مصطفى شعبان، الذي أصبح أداؤه أهدأ من الشخصيات التي قدّمها في أعمال سابقة، كما برع المخرج في التعامل مع كبار الممثلين، وتقديمهم بصورة مختلفة، مثل عبد العزيز مخيون، وانتصار، وسهر الصايغ، ومن الشباب أحمد عبد الله محمود، وهاجر أحمد، وميران عبد الوارث، وإن كان يؤخذ عليه أنه لم يستطع أن يقدم مشاهد «المجاميع» بشكل جيّد داخل سوق السمك، الأمر الذي يجعل هذه المشاهد عابرة، على الرغم من أهمية وجودها داخل السوق، لإظهار حالة «السوق» والباعة والتجار، لكنه في الوقت نفسه، استطاع الخروج من القاهرة إلى مساحات أكثر بكارة ورحابة للتصوير فيها، رغم قلّتها، لتكون خلفية عدد من المشاهد التي كان المكان فيها هو البطل.

* القاهرة: نورا حسن