موقع إلكتروني ينطلق من إحدى الدول الآسيوية، تستخدمه العصابات وتجّار المخدرات من أجل نشر سمومهم على مستوى العالم، واستهداف أكبر شريحة مُمكنة من المتعاطين لبيع منتجاتهم غير القانونية، مُستغلين الخدمات التي توفرها الشبكة العنكبوتية في عملية الشراء وسداد قيمة «المخدّر».
استغل «ب.ن»، رجل مُدمن على التعاطي، الموقع الإلكتروني من أجل شراء المواد التي يتعاطاها، فورّط نفسه في قضية «جنائية» كلفته عقوبة السجن لمدة 7 سنوات، وغرامة مالية لم يكن ليتصور قيمتها «الكبيرة».
بدأت تفاصيل القضية، التي أطلعت «كل الأسرة» عليها، من حكم قضائي صادر بحق الرجل، عندما تلقت الجهات المُختصة في مكافحة المخدرات معلومات عن تعاطيه للمواد المخدرة في غير الأحوال المصرّح بها قانوناً.
وبناء على هذه المعلومات، عملت مكافحة المخدرات على إصدار إذن من النيابة العامة من أجل إلقاء القبض على الرجل، وتفتيشه ذاتياً، وتفتيش مقر سكنه، لضبط ما بحوزته من سموم مخدرة، تطبيقاً للقانون.
توجه أفراد مكافحة المخدرات إلى مقر سكن الرجل، وتمكنوا من إلقاء القبض عليه، ثم باشروا تفتيش المكان بحثاً عن أيّ مخدر، إلى أن عثروا في داخل أحد الأدراج على كيس بلاستيكي يحتوي على مادة بلورية بيضاء اللون، تبيّن بعد فحصها أنها مادة بريجابالين التي تُعد من المؤثرات العقلية المحظور تعاطيها في الدولة.
«استورد» المواد المخدّرة من موقع إلكتروني
بعد كشف أمره، أقرّ الرجل بأنه يتعاطى المواد المخدرة والمؤثرات العقلية نتيجة إدمانه عليها، وقال في التحقيقات «هذه المادة المضبوطة معي (بريجابالين) استوردتها من دولة آسيوية عن طريق موقع إلكتروني مُخصص للاتجار في المخدرات، حيث سددت ثمنها عن طريق الإنترنت».
وأضاف الرجل «إنه اشترى من ذات الموقع الإلكتروني أكثر من مرّة، وإنه يقوم بتحويل مبالغ مالية للأشخاص الذين يُديرون الموقع، ثم يرسلون إليه الكمية التي يرغب في تعاطيها».
وأوضح تقرير صادر عن خبراء الأدلّة الجنائية وعلم الجريمة الذين فحصوا المادة المخدرة «إن مادة بريجابالين المضبوطة مع الرجل تزن إجمالياً 198 جراماً».
وهذه الكمية رغم بساطتها، إلا أن شراءها من خلال موقع إلكتروني، و«استيرادها»، أدخلا الرجل في مُخالفة قانونية جسيمة، عقوبتها سيدفعها من عمره سنوات. وهنا بدأت قصة العقوبة التي ورّط نفسه فيها.
ثلاث تهم وإبعاد
بعد ضبطه، رفعت النيابة العامة في دبي لائحة اتهام بحق الرجل إلى الهيئة القضائية في المحكمة الابتدائية، تضمنت 3 تهم، أبرزها، والتي ستحدد مصيره «حيازة مؤثر عقلي ترواح زنته ما بين 150 جراماً إلى 1000 جرام، من مادة بريجابالين في غير الأحوال المرخّص بها قانوناً».
أما التهمة الثانية، فتمثلت في تعاطي «الحشيش واللاريكا، والبريجابالين في غير الأحوال المرخّص بها قانوناً»، بعد أن أثبت الفحص المخبري احتواء جسمه عليها، فيما تمثلت التهمة الثالثة «في قيامه بتحويل أموال إلى موقع إلكتروني بقصد ارتكاب جرائم التعاطي، أو الاستعمال الشخصي للمواد المخدّرة».
طالبت النيابة العامة بمعاقبة الرجل بعقوبة السجن، أو الغرامة أو كليهما، ومنعه ولمدة سنتين من تحويل أو إيداع أية أموال للغير بذاته، أو بواسطة الغير، إلا بناء على إذن يصدر من مصرف الإمارات المركزي، بالتنسيق مع وزارة الداخلية، إلى جانب المُطالبة بإبعاده عن الدولة بعد عقوبة الحبس.
«الوزن» يُحدد العقوبة
نظرت المحكمة الابتدائية في قضية الرجل، وبيّنت في منطوق حكمها أن «السياسة التشريعية الحديثة في مكافحة جرائم تعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية التي أتى بها المرسوم بقانون رقم 30 لسنة 2021 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، بيّنت أن المُشرع قد انتهج أسلوباً جديداً بموجبه حدّد العقاب، وقسّم الجرائم من حيث أنواعها من جناية إلى جنحة، حسب وزن وثقل المادة المخدرة المضبوطة».
وأكدت المحكمة «إن التعاطي، أو حيازة المواد المخدرة، أو الاستعمال الشخصي لها يرتكن بصفة أساسية على وزن ذلك المخدر المضبوط، حيث قسمت هذه الأوزان إلى ثلاث مجموعات، الأولى إذا كان وزن المخدر أقل من 150 جراماً، فتكون الواقعة جنحة، ويعاقب الجاني بالحبس مدة لا تقل عن سنتين، والغرامة التي لا تقل عن 100 ألف درهم.
أما المجموعة الثانية فإذا كان وزن المخدر من 150 إلى 1000 جرام تكون الواقعة جناية، والعقوبة هي السجن مدة لا تقل عن 7 سنوات ولا تزيد على 10 سنوات، والغرامة التي لا تقل عن 200 ألف درهم، فيما المجموعة الثالثة والأخيرة، إذا تجاوز الوزن 1000 جرام فتكون العقوبة السجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن 200 ألف درهم».
رأت المحكمة «إن المجموعة الثانية من العقوبة هي التي تنطبق على المتهم لحيازته مادة زنتها من 150 إلى 1000 جرام»، وإنها اطمأنت تمام الاطمئنان لسائر أدلة الإثبات، وصحة الدعوى، وسلامة إجراءاتها، وإنه بات راسخاً لديها أن المتهم أودع مبلغاً مالياً في حساب موقع إلكتروني من أجل استيراد مادة البريجبالين تزن 198 جراماً للتعاطي.
وختمت المحكمة منطوقة حكمها بتطبيق عقوبات المجموعة الثانية بحق المتهم، وقضت بمعاقبته بالسجن لمدة سبع سنوات، وتغريمه مبلغ 200 ألف درهم، ومصادرة جميع المضبوطات، وإبعاده عن الدولة بعد قضاء مدة الحكم، لتكون بذلك العقوبة جزاء التعامل واستيراد المخدرات من مواقع عصابات المخدرات.