22 أبريل 2024

مأساة أب فقد نجله الوحيد بسبب "دجّال" وضرب أفضى للموت

فريق كل الأسرة

فريق كل الأسرة

مأساة أب فقد نجله الوحيد بسبب "دجّال" وضرب أفضى للموت

دفع نجله حياته ثمناً للخرافات، والدجل، والشعوذة، فبعد أن تعرّض الطفل لحالة مرضية حار فيها الأطباء، البعض شخّصها بأنها نوع من أنواع الشلل المؤقت بسبب بعض المشكلات، الصحية والجسدية، لكن الأب لم يقتنع بهذا الكلام، واستمع لنداء المحيطين به الذين أقنعوه بأن نجله يعاني المسّ الشيطاني، أو الحسد، ما دفعه إلى الاستعانة بأحد الدجالين لإنقاذ نجله من الشلل، لكن النتيجة كانت مأساوية، بعدما فقد نجله الوحيد حياته على يد الدجال النصاب.

كان الطفل المجني عليه، يعيش في كنف أسرته الصغيرة المكونة من شقيقته الصغرى، ووالده، ووالدته، يتمتع بذكاء كبير، ووجه مُشرق، تبدو على ملامحه علامات النبوغ. كان الجميع يتنبأ له بمستقبل باهر، لكن ما حدث فاق كل تصوّر، ولم يتوقعه أكثر المتشائمين.

بدأت المعاناة منذ بضعة أشهر، حياة الطفل كانت تسير بشكل طبيعي، لكن أثناء اللهو مع أقرانه داخل المدرسة تعرّض للسقوط والإصابة، تم نقله على الفور إلى مستشفى العاصمة، وكان التشخيص المبدئي هو تعرّض الطفل لكدمة شديدة، وشرخ في القدم يستوجب الراحة التامة..

إلى هنا، تبدو الأمور إلى حد بعيد طبيعية، لكن ما حدث بعد ذلك لم يكن في الحسبان.

أعراض وعلامات محيّرة

في التوقيت المحدد لرفع الجبس، لم يتمكن الطفل من الوقوف على قدميه مرة أخرى. أكد الأطباء أنها فترة مؤقتة بسبب الجبس وسرعان ما يعود لحالته الطبيعية، لكن الأيام تمضي وحالة الطفل لا تتحسن.

بدأت أسرة الطفل برحلة علاجية من طبيب إلى آخر، ما بين طبيب بشري وأخصائيين نفسيين، لكن من دون جدوى، حالة الطفل تكاد تكون محلّك سِر، لا تسوء، ولا تتحسن، ولا أحد يعلم السبب الحقيقي وراء هذه الحالة الغريبة.

ساءت الحالة النفسية للطفل بشكل كبير، ولاحظ الأب تغيّراً في سلوك نجله، أصبح عصبياً بشدة، ويثور لأتفه الأسباب، ويعيش في عزلة شبه تامة بسبب رغبته في الجلوس وحيداً داخل غرفته، لم يعد هناك حوار بين الطفل وأفراد عائلته، وأصبح أمر الطفل لغزاً مُحيّراً.

نصيحة الندامة.. زيارة «الدجال»

بعد جولة مع عدد من الأطباء النفسيين، قرر والد الطفل الاستماع لنصائح بعض الوسطاء الذين نصحوه باصطحاب نجله إلى أحد الشيوخ المعروفين على أطراف العاصمة، ورغم معارضة الأب في بداية الأمر، لعدم قناعته بجدوى هذا الأمر، إلا أنه تحت ضغط من زوجته، وبعض الأقارب المحيطين به، قرر الموافقة على الذهاب إلى «الشيخ المبروك».

في الوقت المحدد ذهب الأب، برفقة زوجته ونجله، وفي أول لقاء مع الأسرة قال «الدجال» إن الطفل يعاني الحسد، إضافة إلى مسّ شيطاني بسبب أحد الأقارب الذين قاموا، حسب قوله، بـ«عمل سحر للطفل». وبطريقة، أو بأخرى نجح «الدجال» في إقناع الأب بأن هذا هو جوهر الموضوع، والعلاج سيأخذ بعض الوقت حتى يتسنى له فك هذا العمل المربوط به الطفل.

ضرب أفضى للموت

بدأت رحلة علاج الطفل، وتوالت مرات ذهاب الأسرة إلى «الدجال»، لكن الأب لاحظ أن الأمر لم يختلف كثيراً، بل إن حالة نجله تزداد سوءاً، إلى أن وقعت المصيبة الكبرى.

قام «الدجال» أثناء إحدى جلسات العلاج بالإمساك بالطفل وربطه بإحدى زوايا غرفة العلاج، ثم ضربه بقوة بعصا غليظة على جسده، وبدأ يتمتم عليه ببعض الكلمات الغريبة غير المفهومة، ما جعل الطفل من شدة الآلام والوجع. هرول الأب على صوت صراخ نجله، لكن «الدجال» أكد له أن هذا الصراخ هو صراخ الشيطان من شدة الضرب، خصوصاً أنه يرفض الخروج من جسد الطفل الصغير.

لكن ما حملته الدقائق التالية فاق حدود الاحتمال، فجأة توقف الطفل عن الصراخ، وانتابته موجه من التشنجات، وقتها قال الدجال إن الطفل أصبح معافى بعد خروج الجن من جسده. حاول الأب الكلام مع نجله لكنه كان فاقداً للوعي تماماً، أو هكذا ظنّ الأب، ولم يتوقع السيناريو الأصعب في حياته بعد بضع ساعات.

هبوط في الدورة الدموية

سكت صوت الطفل إلى الأبد، توقف الدجال عن ضرب الصغير بعدما اقنع الأسرة بأن الطفل في حاجة للراحة والنوم العميق، بعد خروج الجن من جسده، وتخلّصه من السّحر.

لكن الأب لاحظ أن نجله منذ أن خلد للنوم وحتى قُبيل صلاة الفجر لم يحرك ساكناً، ما دفعه لحمل نجله إلى مستشفى العاصمة للاطمئنان عليه، حيث أخبره طبيب الطوارئ بالفاجعة الكبرى، مؤكداً له أن نجله فارق الحياة بعد تعرضه للضرب العنيف، ما أصابه بهبوط حاد في الدورة الدموية أدى لوفاته في الحال.

جنّ الأب، وأصيب بحالة هستيرية، وانتابته حالة من الهياج العصبي بعدما فقد نجله الوحيد.

إلقاء القبض على «الدجّال» القاتل

قامت إدارة المستشفى على الفور بإبلاغ رجال الشرطة بتفاصيل الجريمة، حيث استمع رجال البحث الجنائي إلى أقوال طبيب الطوارئ، ووالد الطفل المكلوم الذي أكد أن نجله تعرّض للضرب العنيف من قبل «المعالج الروحاني».

وتبيّن بعد مناظرة الأطباء لجثة الطفل المجني عليه أن هناك آثار تعذيب وضرب، وكدمات كثيرة، وجروحاً على جسد الطفل، وعلى قدميه.

تم على الفور تسيير مأمورية أمنية إلى مكان «الدجال»، وتمت مداهمة منزله قبل شروعه في الهروب، حيث تبين انه يعمل موظفاً في إحدى الجهات الحكومية، ويتخذ من منزله وكراً بحجة قدرته على «العلاج الروحاني»، وبتفتيش منزله عُثر على العشرات من كتب السحر المختلفة، وبعض الأحجبة والبخور، لإقناع ضحاياه بأن لديه «كرامات».

لم تمر سوى دقائق معدودات، حتى تم تحرير محضر ضمت أوراقه كل التفاصيل الدقيقة للواقعة، التي تضمنت في ثناياها جرائم عدة، منها ممارسة أعمال الدجل والشعوذة والنصب، إضافة إلى تسببه بقتل طفل صغير بسبب الجهل.

تمت إحالة المتهم إلى النيابة العامة التي أمرت بتشميع منزل «الدجال» القاتل، كما طالبت باستعجال تقرير الطب الشرعي لبيان الأسباب الحقيقية للوفاة، أما «الدجال» المتهم فقد قررت النيابة العامة حبسه 15 على ذمة التحقيقات الجارية معه.

إعداد: كريم سليمان

 

مقالات ذات صلة