06 مايو 2024

إنعام كجه جي تكتب: من يعتدي على الضابطة؟

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

إنعام كجه جي تكتب: من يعتدي على الضابطة؟

جاء الخبر صادماً لعموم الفرنسيين، لاسيما الفرنسيات. إن هناك حالات تحرّش في الجيش تعانيها المجندات، وبعضهنّ من صاحبات الرتب الرفيعة. وقد كشفت الخبر صحيفة «لوموند» في تقرير استند إلى شهادات للضحايا، وبينهنّ من تحدثت عن وقائع اغتصاب في صنف البحرية تعرضت له ضابطة برتبة كابتن.

لم تجرِ معاقبة المعتدي، وهو من منتسبي البحرية أيضاً، بل اكتفت محكمة عسكرية بوقفه عن العمل عشرة أيام. أما الضحية، مانون دوبوا، فكانت في مهمة في عرض البحر عند نشر الخبر، ولما عادت نصحوها بعدم البقاء في السفينة لرحلة تالية كانت مقررة مسبقاً. وبسبب هذا الإجحاف تجد نفسها مضطرة للتخلي عن المهنة التي تحبها. وقالت في مقابلة مع الصحيفة: «أشعر بالتقزز، ولا أرغب البقاء في سلك يسلبني حقي، ويكافئ المعتدي».

وقفت النائبة، ليتيسيا سان بول، تحت قبّة البرلمان وقالت إن هناك وقائع كثيرة مشابهة في أوساط الجيش. وقد بلغ الأمر حداً يصبح من الضروري وضع حدٍّ له. إن مجندات في أول الخدمة، وحتى عسكريات يحملن رتباً عالية، يطالبن برفع الحصانة عن زملائهن الذين يتحرّشون بهن. وهذه النائبة تعرف ما تقول، لأنها تحمل رتبة ضابط في صنف المشاة. ترى أن الوقت حان لتشجيع حركة من نوع «مي تو» التي ظهرت في الولايات المتحدة، وكشفت المستور. لن تخشى النساء الفضيحة، بل سيأخذن الكلام من دون خوف لتحديد أسماء المعتدين. هل تسمح تراتبية الجيش بأمر كهذا؟ أين الطاعة العمياء المفترضة بين الجندي، وبين القائد؟ فهل يشمل قانون الطاعة الانصياع للرغبات الجنسية.. أم أنه استغلال سافر؟

كتبت النائبة خطاباً رسمياً إلى وزير الدفاع، وطالبته بتحقيق في قضية الكابتن مانون دوبوا. كما ذهبت لمقابلة الوزيرة المكلفة بشؤون المساواة بين الجنسين، لكي تحيطها علماً بتفاصيل القضية، وتطلب إنصاف المعتدى عليها. وخلال أيام، تحوّل بريد النائبة الإلكتروني إلى صندوق يتلقى الشكاوى من عشرات المجندات، والنساء العاملات في صفوف الجيش، بينهنّ من تعلن استعدادها لفضح مسؤولها، أو زميلها الذي يتحرّش بها، في حال وجدت من يساندها ويدافع عنها. وأمام هذا الفيض من الرسائل اضطرت وزيرة المساواة إلى تخصيص موظف في وزارتها لدراسة الشكاوى، وجمع الشهادات. وكمرحلة أولى سيتم جمع المعلومات من دون ذكر الأسماء، لكي لا تتسرب إلى الصحافة ويستغلها البعض سياسياً.

بعد تقرير الصحيفة ظهرت النائبة ليتيسيا سان بول، ضيفة في واحد من أشهر البرامج في التلفزيون الفرنسي، وكانت معها محامية متخصصة في القانون الجزائي، تطوّعت لتبنّي قضايا المجنّدات الشاكيات، وجرى تحديد المطالب كما يلي: حماية الضحايا نفسياً وقانونياً، وأن يكون التحقيق منصفاً، لا يأخذ في الاعتبار الرتبة العسكرية للمتهم، وبإشراف قاضٍ من الجيش، وفي حال تمت الإدانة فلابد من تعويضات مجزية للضحايا.

هناك من يطرح رقم 500 شكوى حتى الآن. عدد يبدو مهولاً. وحتى لو قسّمنا الرقم على اثنين فإنه يبقى مخيفاً في بلد حققت فيه النساء مكانة متقدمة. والقضية ما زالت في بداياتها.