نزعت الرحمة من قلبها انتزاعاً، سوّلت لها نفسها التنازل عن فلذة كبدها مقابل أن تعيش حياة ظنّتها كريمة، طاوعها قلبها لاستبدال طفلتها البريئة بطفل آخر ذكر، بحجة خوفها من الطلاق. خطّطت، ودبّرت، وكادت أن تنجح في تنفيذ خطتها لولا يقظة كاميرات المراقبة التي فضحت المستور بالصدفة.
نشأت بطلة القصة في كنف أسرة متوسطة الحال، كانت تمتلك جاذبية كبيرة، تزوجت شاباً أحبّها بجنون، وكانت تحلم بحياة هادئة، ومستوى معيشة مختلف، يعوّضها عن حياة الفقر التي عاشتها. لم يكن زواجهما تقليدياً بالمعني المعروف، حيث تعرفت إلى زوجها في إحدى المناسبات، كان عريسها لديه من الإمكانات ما يؤهله ليكون حلم أي فتاة، عندما شاهدها لأول مرة تعلّق بها، وبطريقة أو بأخرى، نجحت في الاستحواذ على قلبه، تقدم لخطبتها، وبعدما يقرب من عام ونصف العام، تم عقد القران والزفاف.
مرت السنة الأولى لزواجهما بشكل طبيعي، أثمر زواجهما طفلتين توأم، لاحظت الزوجة أن فرحة زوجها غير مكتملة، وعندما استفسرت عن السبب أكد لها أنه كان يعيش وسط أسرته وحيداً، لذا كان يرغب في أن يكون المولود ذكراً حتى يكون بمثابة الأخ والابن والسند له.
«مولود ذكر أو الطلاق»
بعد مرور بضع سنوات فاتح الزوج زوجته في أمر الإنجاب مرة أخرى، إلا أنها في بداية الأمر رفضت هذا المقترح جملة وتفصيلاً بسبب المجهود الكبير الذي تبذله مع طفلتيها التوأم، خصوصاً أنهما في حاجة ملُحّة للرعاية الدقيقة، لكن الزوج أصر على طلبه من دون النظر لأي اعتبارات أخرى، هدّد زوجته بأنه سيتزوج عليها حال رفضها الإنجاب مرة أخرى، ولم يكن هذا كل شيء، وإنما هددها بالطلاق إذا لم تنجب له الولد الذي يتمناه.
الخوف من المجهول
مرّت شهور الحمل بطيئة وكئيبة، كانت الزوجة طوال فترة الحمل تخشى على نفسها من العودة إلى حياة الفقر مرة أخرى، لو طلقها زوجها، كانت تعد الأيام والليالي لمعرفة نوع الجنين، إلى أن فوجئت بتأكيدات الطبيب المتابع لحالتها أن المولود القادم أنثى، خافت على بيتها من الهدم، اسودّت الدنيا في وجهها، تساقطت دموعها على وجنتيها، كأنها فقدت عزيزاً لديها، لم يكن أمامها أي مفر، ولو بشكل مؤقت، إلا الكذب على زوجها.
التحالف مع الشيطان
فكرت الزوجة اللعوب في خطة شيطانية، حيث بدأت بإشاعة خبر كاذب يؤكد لزوجها أن المولود القادم «ذكر»، وما ساعدها على هذا الأمر طبيعة عمل الزوج التي تقتضي سفره المتواصل إلى الكثير من المحافظات نتيجة عمله كمندوب مبيعات.
استغلت الزوجة الشابة صداقتها بإحدى الممرضات التي تعمل في إحدى المستشفيات الحكومية، وطلبت منها أن تساعدها على إنقاذ بيتها من الخراب، والهدم، وإنقاذها من الطلاق، وخسارة كل شيء، مقابل بضعة آلاف من الجنيهات. كان الأمر مثيراً، ورغم أن الزوجة لم تكن من عتاة الإجرام إلا أن تفكيرها الشيطاني وضعها ضمن العقليات الإجرامية التي يشار لها بالبنان.
فكّرت، وخطّطت، وقرّرت أن تقوم باستبدال طفلتها بطفل آخر «ذكر»، بمجرد أن تضع طفلتها، خطة متهورة، ومجنونة، وغير مأمونة العواقب، لكنها كانت طوق النجاة الوحيد، كما ظنت، للخروج من مأزق الطلاق، والتشرد ، والعودة لحياة الفقر والحرمان.
كانت كل خطوة تخطوها الزوجة، التي تجردت من كل معاني الأمومة، محسوبة بدقة متناهية، حتى اقتربت ساعة الصفر، وجاء موعد ولادتها، وبدأت تنفيذ الجزء الثاني من الخطة، وهو استبدال الطفلة بطفل آخر «ذكر»، الأمر الذي حاولت صديقتها الممرضة القيام به، حيث دخلت المستشفى بالطفلة الرضيعة وبعد استبدالها بطفل آخر «ذكر»، همت بالخروج من المستشفى وهي متخفية من دون أن يشعر بها أي شخص، إلا أن موظف الأمن الجالس خلف كاميرا المراقبة لاحظ قيامها بالخروج مرة أخرى مسرعة، وهي تحمل طفلاً، وتبدو عليها علامات الارتباك والقلق، ما دفعه لإيقافها ومنعها من الخروج حيث تم استدعاء مدير المستشفى والتحفظ عليها لحين استدعاء رجال المباحث لمعرفة أصل الحكاية.
صدمة الزوج
تبين من التحقيقات التي قام بها رجال المباحث أن الممرضة المتهمة قامت بالاتفاق مع الزوجة اللعوب على استبدال طفلتها الرضيعة بأخرى ذكر، خوفاً من الطلاق مقابل مبلغ مالي كبير.. على الفور، تم تسيير مأمورية أمنية إلى مكان تواجد الزوجة، حيث تم القبض عليها لاستجوابها، كما تم استدعاء الزوج الذي كان في مأمورية عمل في إحدى المحافظات، وفوجئ الزوج بسيل الاتهامات الموجهة لزوجته.
لم يصدق ما سمعته أذناه، شعر بأنه في كابوس تمنى أن ينتهي بأقصى سرعة ممكنة، كلام رجال المباحث وقع على رأسه كالصاعقة، لم يصدق أن زوجته سرقت فرحته، لم يصدق أن الطفل الذي طالما تمناه ليس نجله، وإنما هو طفل مسروق، لم يحتمل الصدمة، قام على الفور بتطليقها، واتهمها بالخيانة.
تم تحرير محضر بالواقعة، وإحالة الزوجة والممرضة للنيابة العامة التي وجهت لهما عدة اتهامات، منها الخطف، والتزوير في الأوراق رسمية، ومحاولة تضليل العدالة، وأمرت النيابة العامة بحبسهما 15 يوماً على ذمة القضية لحين استكمال التحقيقات.