10 يونيو 2024

محمد رُضا يكتب: سرقات يومية

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

محمد رُضا يكتب: سرقات يومية

‫القارئ المتمعن يستطيع هذه الأيام معرفة أي مقال نقدي هو «أورغانيغ» (أي عضوي)، وأي مقال هو استنساخ.. أو بالأحرى سرقة. لم يعد الأمر خافياً. القارئ المتمعن يدرك أيّ كتابة يقرأ، ومِن أين جاءت: مِن موهبة كاتبها، أم منقولة عن موهبة أخرى.

لا ينتقل الناقد أو الصحفي من أيّ بلد، إلى أيّ مهرجان، بمجرد إن ينوي ذلك. هناك ترتيبات كثيرة، شخصية ومادية، وحتى أمنية في بعض الحالات يضعها في الاعتبار.

الناحية المادية بالغة الأهمية. هناك من هو محظوظ من حيث إن المؤسسة التي تنتدبه تقوم بدفع تكاليف رحلته، ومسؤوليته حيال ذلك هي أن يكون أفضل من يكتب من حيث الرأي، والخبرة، والسرعة في الإنجاز.

هناك من يدفع من جيبه ليحضر المهرجان. يأكل سنديويتشات، ويشرب فنجانَي قهوة في اليوم، وتراه يركض من صالة إلى أخرى لكي يعوّض بعض بذله المادي.

للأسف، هناك من يجلس في راحة منزله و... يسرق المقالات من على المواقع. ها هي جاهزة ومتوفرة باللغات جميعاً.

متوفرة بالإنجليزية، والفرنسية، والألمانية إلخ.. وكذلك بالعربية، إذا لم يكن يجيد أي من اللغات الأجنبية. هذا السارق سيختطف الخبر، والرأي، والتقييم، وكل ما يروق له من دون تعب. لن يشير إلى أن فلاناً كتب، وفلاناً قال، بل سيضع عليه اسمه، ويبتسم لنفسه، ويرسل مادته للنشر فخوراً، ويقبض الثمن.

في عالم باتت الحقائق فيه مضطربة، والرؤية فيه ضبابية، لا يشعر سارق الكلمات بأنه يفعل شيئاً منكراً. ما يذكره، منسوخاً (ولو متحوّراً)، هو جهد مَن حضر المهرجان، وبذل، وتكلّف، ولم ينم كفاية، وهو يحاول تغطية الأفلام، وحضور الحدث، ليس لشيء إلا لأنه وهب حياته على الأرض لحب السينما.

لكن كل ذلك لا يعني لصّ الكلمات بشيء. جيل الأنا استفاد من الميديا المتوفرة على النت، كما لم يفعل سواه.