الخائن هو الشخص السّام الذي اختار فعل الخيانة بدلاً من التعاطف، والتفاهم، والخيانة كانت جزءاً من الثقافة الإنسانية منذ بداية الزمن، وجانباً بغيضاً من الطبيعة البشرية الذي لن يتغير أبداً.
وتجعل الخيانة الناس يدركون مدى قسوة البعض ممن يجدون سبباً للكذب، والغش، أو السرقة، وسهولة فقدان الثقة بالإنسانية ليصبح، الشر هو الوقود الذي يسيطر على الجزء الضعيف منّا، ويزيده هشاشة، أو يحوّله إلى جزء قوي، وجديد.
وكما أن نتائج الخيانة سلبية، فإن هناك جانباً إيجابياً عندما يتعلم الشخص المزيد عن طبيعة الإنسانية، والحقيقة، والخير، والشر، فهذه المعرفة عن الحياة والعالم ذات قيمة عظيمة، وتغيّر الحياة، وتضيف المعلومات القيّمة، والرؤى التي يمكن أن تُلهم القوة، والعمل، في لمح البصر.
وكما قد تؤدي الخيانة، أحياناً، إلى تحسين حياة البعض واستيقاظهم من غفوة طويلة، لكنها في أحيان أخرى يمكن أن تعرّضهم لأذى مستدام، لا شفاء منه.
ويعترف البعض بأن الخيانة جعلتهم يفصحون عمّا يريدون قوله، ولكن لا توجد كلمات تقريباً لوصف الشعور بالخيانة، عدا عن أنه شعور فظيع، ومدمّر، ولحظة تحفر نفسها في العقل إلى الأبد.
ولا يحدث الغضب الذي يتبع الخيانة بسبب فقدان ذلك الظالم الذي رحل، ولكن بسبب حكم الخيانة على من أصابته، وتركته يتلوى مع ذكراها، ويفقد طعم السعادة لفترة طويلة.
وتأتي الخيانة بمشاعر فظيعة أخرى، مثل الغضب من النفس، ولومها، لأنها لم تكن قادرة على رؤية واكتشاف أي نوع من الأشخاص هم، والغضب من العالم.
لأن هناك أشخاصاً من حولنا يعتقدون أنه يمكن التخلص من الآخرين بسهولة، وأكثر الأشياء تدميراً قلّة التعاطف مع الآخرين، وعدم استعداد هؤلاء للاستماع إلى وجهات نظر بديلة، أو حتى محاولة التفاهم معها.
وأصعب ما في الخيانة أولاً، هو تجاهل الإشارات الخفية التي قد تشير إلى وجود خلل في شخصية الخائن، والاستسلام للكذبات التي يكرّرها، ثم عدم إعطاء من أصابته الخيانة فرصة لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح.
ليصبح الأمر أشبه باتّهام باطل لشخص لا يمنح فرصة للدفاع عن نفسه ضدها، ما يجعل الألم كبيراً، فليس هناك أهمّ من أن يستطيع ذلك الشخص أن يقول لنفسه أعرف لمَ حدث هذا، ويمكنه تبرير الخيانة.
إن معظم الناس غير قادرين على تمييز الحق من الباطل، فيتخذون قرارات بناء على ما يبدو لهم صحيحاً في ذلك الوقت، وبناء على رؤيتهم للعالم، وعندما يكتشفون انهم قد اختاروا الطريق الخطأ، استناداً إلى سوء الفهم، سيعانون كثيراً.
ويشعرون دائماً بأنه كان يمكنهم تجنّب تلك الخيانة، لو كانوا أكثر وعياً وقدرة على الملاحظة، وتقدير الآخرين، ومع هذا، من المهم ألا يفقدوا إيمانهم بالإنسانية، وألّا يختاروا العزلة على المواجهة، كي لا يصبحوا مملوئين بالكراهية، والبغض، ويصابون بالعمى الذي قد يقودهم لإيذاء مظلومين آخرين، ليشعروا بالراحة، أو الانتقام بسبب ما أصابهم.
وقد تكون معالجة الخيانة عملية صعبة، ومعقدة، لكن من المهم الوثوق بوجود علاج يمكن من خلاله الخروج من هذه الدائرة السّامة، والنجاة بالنفس بعيداً عمّن اعتنقوا إيذاء الآخرين، وأدمنوا الكذب، وارتداء الأقنعة، وتزييف صورهم، ومشاعرهم الحقيقية.