17 يوليو 2024

Twisters.. فيلم جديد عن الأعاصير المخيفة في الربوع الأمريكية

ناقد ومؤرخ سينمائي

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

Twisters.. فيلم جديد عن الأعاصير المخيفة في الربوع الأمريكية

بعد أيام قليلة سنشاهد فيلماً آخر عن الأعاصير (أو كما تُسمى أيضاً بـ تويسترز) حيث يعصف الإعصار بكل شيء، يحاول كل شخص النجاة بنفسه؛ حوفاً من أن يحمله الإعصار بعيداً ثم يتخلّى عنه ليسقط من علو شاهق.

Twisters.. فيلم جديد عن الأعاصير المخيفة في الربوع الأمريكية

فيلم Twisters لمخرج غير معروف اسمه لي أيزاك تشونغ، وضعت شركة يونيفرسال 200 مليون دولار تحت تصرّفه على أساس تحقيقه فيلماً كبيراً وناجحاً، يعيد للجمهور حب وفضول مشاهدة بشر وهم عالقون بين الحياة والموت.

هناك باحثة أعاصير اسمها كايت (دايزي إدغار-جونز) تعمل على مشروع اختراع مادة كيماويّة (تتحدث عنها باختصار حتى لا يسألها أحد عن التفاصيل) من شأنها الحؤول دون انتقال الإعصار بشكله اللولبي السريع من مكان ولادته إلى حيث تقبع بلدات ريف ولاية أوكلاهوما الصغيرة تحت رحمته.

يأتي إلى المكان شاب مولع بالأعاصير اسمه تايلر (غلن باول) والنزاع بينهما هو إعصار آخر، ولو أن ذلك، وحسب أفضل الكليشيهات المعروفة، لن يمنع من تآلف وحب لاحقان.

Twisters.. فيلم جديد عن الأعاصير المخيفة في الربوع الأمريكية

أزمات اجتماعية تشبه الأعاصير

إنه فيلم مثير لكثيرين ليس بسبب قصّته بالضرورة، بل بسبب ضخامة الإعصار الذي يتولّى توفيره عبر الغرافيكس، وهو ليس أفضل فيلم عن الأعاصير في تاريخ هذا النوع الكوارثي من الأفلام.

إذ سبقته أفلام عديدة حتى من قبل أن يصبح لزاماً على الأفلام الاستعانة بالغرافيكس عوّض ما كان يُعرف بالمؤثّرات الخاصّة، التي كانت تتمّ في المعامل وليس على أنظمة الكمبيوتر والشاشات الخضراء في الاستديوهات.

بطبيعة الحال، دارت كل الأفلام التي تداولت هذا الموضوع في أرياف الولايات الوسطى والغربية، هناك مشاهد في أفلام دراميّة منذ الثلاثينات عندما قام وليام كايلي بتحقيق فيلم «بلد الله والمرأة» لكن سريعاً فيما بعد صار بالإمكان مشاهدة أفلام تتمحور حول تلك الأعاصير.

تلك التي تمحوّرت حول الأعاصير لم تكن دوماً أفضل من الأفلام التي دارت حول مواضيع مختلفة ومن بينها إعصار كبير يزيد من وطأة الحياة في الربوع الريفيّة الأمريكيّة.

Twisters.. فيلم جديد عن الأعاصير المخيفة في الربوع الأمريكية

نجد مثالاً بديعاً على ذلك في فيلم «كانتري» (Country) للمخرج رتشارد بيرس مع جسيكا لانغ وسام شيبرد، لم يتطرّق هذا الفيلم الجيّد إلى البيئة، لأنها حينذاك لم تكن مطروحة كما حالها اليوم.

بل دار حول إعصار من نوع آخر: بيروقراطية المؤسسات الحكومية، التي عوضاً عن تقديم المساعدة للمزارعين المحليين تضع شروطاً تعجيزيّة حيالهم ما يجعلهم يعيشون وضعاً اقتصاديّاً صعبّاً.

في العام ذاته 1984، أنجز روبرت بنتون فيلماً اجتماعيّاً آخر حول الحياة الصعبة في الريف الأمريكي في ثلاثينات القرن الماضي، سالي فيلد مالكة أرض صغيرة تحاول الاحتفاظ بها وسط ظروف الوضع الاقتصادي الصعب في تلك الفترة.

هي في واحد من أفضل أدوارها على الشاشة يصاحبها في البطولة جون مالكوفيتس وإد هاريس وداني غلوڤر، هذا الأخير عرضة لحملة الكوكلس كلان ضد السود، ثم الجميع عرضة لإعصار كبير يُراد له أن يتوّج كل تلك الأعاصير التي تتعرّض لها بطلة الفيلم.

Twisters.. فيلم جديد عن الأعاصير المخيفة في الربوع الأمريكية

طغيان الطبيعة

هذان الفيلمان كانا من بين مجموعة تضع الحكاية الفعلية في مقدّمة الكارثة الطبيعيّة التي على وشك الحدوث. نجاحها في ذلك كان عرضة لمسألتين: قوّة الحكاية البديلة ومدى أهمية الدور الذي يلعبه الإعصار المقبل كعنصر رمزي أو مؤثر.

وعلى نحو واضح، تؤم النسبة الأكبر من المشاهدين الأفلام التي تتحدّث عن المخاطر التي تحتلّ الأولويّة بشرط أن تبقى عنصراً مضافاً، وهناك الكثير من هذه الأفلام كون العلاقة بين هوليوود والجمهور السائد اقتصادية في الدرجة الأولى.

هذا لا يعني أن أفلام «الأعاصير» رديئة، ككل نوع آخر، من الاقتباسات الأدبيّة إلى الملاحم التاريخيّة، هناك الجيّد منها والرديء.

من بين ما عبّر جيداً عن الكارثة عندما تثور فجأة وتقتلع ما تستطيع اقتلاعه عن الأرض، فيلم «تويستر» الذي أخرجه جان دو بونت من بطولة هيلين هنت وبل باكستون.

عالمان على طرفي نزاع يحاولان رصد الإعصار قبل أن يبدأ، لكنه أقوى مما يستطيعان مواجهته، في الفيلم مشاهد ما زالت قادرة على تحريك الانفعالات بين المشاهدين كما لو أنه من إنتاج اليوم.

من بين تلك الأفلام كذلك «في داخل العاصفة» (Into the Storm) الذي حققه ستيفن كوايل سنة 2014 حول باحثان، كما حال الفيلم الجديد، يجدان نفسيهما وسط الإعصار..

أو لنقل وسط الأعاصير التي تقع في وقت واحد وتقتلع أسقف المنازل والسيارات وما تستطيع حمله وإلقائه بعيداً، الإعصار هنا وحش كامل المواصفات والمشاهد التي يمارس فيها أفعاله من أفضل ما تمّ عرضه على الشاشات.

 

مقالات ذات صلة