في الكثير من الحالات تُصاب الأجزاء التالية من الأفلام الأمريكية بحالة من الترهل، فإذ بالحكاية تكرر ما سبق تقديمه في الأجزاء الأخرى، والمواقف التي أضحكت وأثارت سابقاً تبدو باهتة، هذا أيضاً مصير هذا الفيلم BEVERLY HILLS COP: AXEL F.
«الفورميلا» التي يعتمدها الجزء الثالث من «شرطي بيڤرلي هيلز» لا تختلف عن تلك التي اعتمدتها الأجزاء السابقة (1984 و1987 و1994) من هذا المسلسل، لا يمكن أن تختلف لأن السائد في الأفلام الجماهيرية هو أنه إذا ما كان العمل السابق ناجحاً بشروطه ومزاياه فلا داعي لتغييره.
هذا يفوّت على صانعي الفيلم فرصة الابتكار ويحدّد للكتّاب وللمخرج ما يستطيعون وما لا يستطيعون فعله في إطار أي جزء لاحق، يدفعهم للبقاء في الفكرة ذاتها حتى ولو تكررت وجاءت مستهلكة.
«شرطي بيڤرلي هيلز: أكسل ف» ينقاد لمثل هذه المعاملة، في الأساس هو تكرار لفكرة الشرطي الأسود أكسل فولي (إيدي مورفي) الذي يعمل في مدينة دترويت لكن تعرُّض ابنته جين (تايلور بايج) للخطر يدفعه للسفر إلى لوس أنجلوس وشوارع بيڤرلي هيلز المرفهة واستئجار غرفة في فندق بسعر يقارب الألف دولار في اليوم، من قال إن رجال القانون يتقاضون بالكاد ما يكفي لتدبير شؤون معيشتهم؟
الحاصل أن ابنته تتولى الدفاع عن شاب متهم بالقتل وتجارة الممنوعات، لكنها متأكدة من براءته لذلك تنوي «العصابة» أن تردعها ثم تحاول قتلها لأنها تختار ألا تستجيب لتهديداتهم، إذ يهب والدها للمساعدة (من دون علمها)..
تتسع الدائرة صوب المعهود: هناك فساد في بوليس المدينة يتقدّمه كابتن غرانت (كَڤن باكون) الذي يرأس تلك العصابة والذي يتحدّث كذلك بلغة واقعية عندما يشكو من أن ما يتقاضاه من سنوات خدمته الطويلة لا يوازي ما يجنيه من عملية كوكايين واحدة، كان عليه أن يسأل كيف يستطيع غريمه فولي دفع فواتير فندق من خمسة نجوم من دون أن يضطر للتجارة بالممنوعات.
تطالعنا النهاية منذ البداية لأن هذا الخط الرئيس لابد أن يمر عبر تلك الانحناءات والالتواءات المعهودة، إنه كما لو كنت تقود سيارتك للبيت الكامن في تعرّجات هضاب لوس أنجلوس وتعرف طريقك جيداً.
يختلق الفيلم علاقة مضطربة بين الأب وابنته لكن لا شيء جديداً في ذلك، أيضاً كون الدارج هذه الأيام هو عرض مثل هذه العلاقات بهدف تعميق الحبكة وصرف بعض الوقت في الحديث عن كيف أهمل الأب ابنته (أو ابنه) وكيف يواجه بالصد عندما يحاول التقرّب وطي صفحة الماضي.
عبارات مثل «لم أرك منذ سنوات بعيدة والآن تتذكرني»، ترد في تلك الأفلام وترد هنا، في الواقع استهلاك هذا الوضع هو كل البطانة التي لدى هذا الفيلم وهو يشتغل عليها رغم أن المُشاهد يعرفها ككف يده ويعرف كيف ستؤول إلى تقارب متجدد.
نجم الفيلم طبعاً هو بطله إيدي مورفي، ما زالت لديه تلك الطريقة الجذّابة في الأداء الخفيف لكن الكتابة لا تؤازره على عكس ما كان الحال عليه في ما سبق.