20 أغسطس 2024

فيلم THE CONVERT.. غاي بيرس ينقلب على موطنه الأصلي ويعتنق سواه

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

فيلم THE CONVERT.. غاي بيرس ينقلب على موطنه الأصلي ويعتنق سواه

لي تاماهوري مخرج نيوزلندي نصفه بريطاني ونصفه من إحدى القبائل المحلية، هو الوحيد من بين مخرجي نيوزيلندا الذي يتمتع بهذا التناصف وفيلمه الجديد THE CONVERT (بريطانيا، 2024) يمثّل وضعه الخاص لكنه لا ينجز ما يعد به.

فيلم THE CONVERT.. غاي بيرس ينقلب على موطنه الأصلي ويعتنق سواه

مضت ثلاثة عقود كاملة منذ أن قدّم المخرج النيوزيلندي (من مواطنيها الأصليين) لي تاماهوري فيلمه «كنا محاربين ذات مرّة» (Once We Were Warriors) الذي وجّه الأنظار إليه وساعده بعد سنوات طويلة من العمل كمساعد مخرج، من الانتقال إلى سلسلة من المشاريع البريطانية والأمريكية بينها «الحافّة» (The Edge) و«التالي» (Next) و«مت في يوم آخر» (Die Another Day)..

كلها، بما فيها «مت في يوم آخر»، كانت مجرد تماثل مع سينما الأكشن العادية التي تقوم هوليوود بالترويج لها جيداً قبل أن تتحوّل إلى أرشيف الأفلام المنسية.

في «الاعتناق» عودة إلى موطنه طارحاً حكاية قسيس بريطاني يصل إلى نيوزيلندا للتبشير ليجد أنه وسيلة لدخول البلاد، مثل غيرها من البلدان التي تستعمرها بريطانيا، هو فيلم تقع أحداثه في الماضي (1830) ويتحدّث عن هوية بطله التي جاء بها إلى مكان بعيد ليفقدها هناك.

على عكسه، هو فيلم أكشن أكثر منه دراسة، غاي بيرس يلعب الدور جيّداً لكن المخرج يتحاشى منحه لقطات قد تساعد على التعاطف مع شخصيّته أو فهم أسبابها.

كذلك فإن مرحلة الاعتناق في نهاية الفيلم (ممثلة برفضه دوره السابق كمبشّر ليختار الانضمام إلى القبيلة) غير مقنعة، المشهد قصير مستثمر كحوار بين شخصيّتين تبدو الأولى (مونرو) محتدّة وتبدو الثانية (المسؤول العسكري المنتدب عن بريطانيا) كما لو أنها لا تفهم ما يُقال لها.

فيلم THE CONVERT.. غاي بيرس ينقلب على موطنه الأصلي ويعتنق سواه

نتعرّف على مونرو (بيرس) فوق مركب بالكاد يتسع للحفنة التي أبحرت به من الشاطئ البريطاني، حال وصوله يجد نفسه أمام زعيم قبيلة قوي وعنيف، لأجل البقاء حياً وانقاذاً لفتاة وزوجها من القتل يعرض مونرو حصانه الأبيض الجميل كهدية.

يقبل الزعيم الهدية لكنه يذبح الزوج على أي حال، تنتقل الزوجة لكي تعيش في القرية البريطانية التي تم تشييدها هناك، لا مشاهد حب متبادل، لكن هناك مشهداً غرامياً يمضي من دون أن يترك تأثيراً أو يردم هوّة بينهما.

تاماهوري مشغول في عرض المواجهات العنيفة بين القبائل من ناحية والعنصرية البيضاء تجاه المواطنين الأصليين من ناحية أخرى، لكنه في الوقت ذاته لا يعمّق أيّاً من هذه الصراعات، بل يعرضها كسلسلة من الأحداث التي توفر الاهتمام بالموضوع والخروج منه بلا اكتراث في الوقت ذاته.

كان الفيلم يحتاج إلى قرار بالنسبة لما هو أهم: سرد قصّة أو تعزيز موقف وقضية، وتاماهوري مال إلى الخيار الأول بلا تردد.