إذا تلقيت مكالمة هاتفية من امرأة تُبدي فيها رغبتها في شراء سيارة تعرضها للبيع على أحد المواقع الإلكترونية، ثم تُبلغك بأن زوجها سيأتي إليك من أجل إنهاء الإجراءات، فكن حذراً وتحقق مع من تتعامل.. فهذا قد يكون أسلوب احتيال.
في تفاصيل القضية التالية، التي اطلعت «كل الأسرة» عليها من حكم قضائي، تمكّن «رجل وزوجته» من الاحتيال على أحد الأشخاص باستخدام هذه الطريقة التي ورطتهما في نهاية المطاف بقضية جنائية:
بدأت تفاصيل القضية عندما عرض رجل سيارته الشخصية ذات الدفع الرباعي للبيع على أحد المواقع الإلكترونية المُختصة ببيع السيارات، بقيمة 143 ألف درهم، ليتلقى في أحد الأيام مكالمة هاتفية من امرأة تُبدي إعجابها بالسيارة ورغبتها الشديدة في شرائها.
يقول مالك السيارة: «أبدت هذه المرأة رغبتها في شراء السيارة، وأبلغتني أنها سترسل زوجها من أجل إتمام عملية الفحص وشراء السيارة، كونها موجودة حالياً خارج الدولة، فوافقت على ذلك».
وأضاف: «بعد ذلك، أرسلت هذه المرأة رسالة نصية على هاتفي تتضمن الموقع الجغرافي لمكان فحص السيارات وتسجيلها، وأبلغتني أن زوجها سيكون في المكان في انتظاري من أجل إنهاء الإجراءات وتسديد قيمة السيارة».
لقاء الزوج في موقع فحص السيارات
بالفعل، توجه مالك السيارة إلى موقع فحص السيارات، فوجد زوج المرأة في انتظاره، وتعرف عليه شخصياً، ثم بدأ الزوج في تفقد السيارة التي ترغب زوجته في الحصول عليها..، يقول مالك السيارة: «ادعى الزوج في ذلك الوقت أنه يعمل في إحدى الجهات الرسمية».
كانت كافة الإجراءات طبيعية، فقد أخذ الزوج السيارة ودخل بها إلى مكان الفحص المُختص ثم حصل على شهادة بـ«اجتيازها الفحص»، وأنها صالحة من أجل ترخيصها واستخدامها في الشارع العام، ثم جلس مع مالك السيارة، وأخرج من جيبه دفتر شيكات ودوّن فيه قيمة السيارة، 143 ألف درهم.
مكالمة من البنك
تنازل مالك السيارة عنها بعد حصوله على الشيك، وأقدم على تحويل ملكيتها إلى زوج المرأة وتمت عملية البيع بنجاح، لكن ما حدث بعد ذلك سيكون صدمة لمالك السيارة الذي أعطى كل ثقته للزوج والزوجة بسبب طريقة تعاملهما «الجيدة».
يروي مالك السيارة «توجهت إلى أحد أجهزة الصراف الآلي، وأودعت الشيك في حسابي الشخصي من أجل صرفه إلا أنه وبعد 3 أيام، وردني اتصال هاتفي من البنك أبلغوني فيه أن الشيك ارتجع لأن الحساب مُجمد».
أيقن مالك السيارة بعد مكالمة البنك أنه تعرض إلى جريمة احتيال فتوجه إلى مركز الشرطة وقدم بلاغاً بحق الرجل وزوجته بتهمة الاحتيال عليه وسرقة سيارته.
الزوج مُحتال مُتمرس
باشرت الجهات الشرطية التحقيق في الواقعة، ليتبين أن الزوج مُتورط مع الزوجة في عدة قضايا بذات الأسلوب الإجرامي، حيث تقوم الزوجة بالاتصال بالضحية المُستهدفة، ويقوم هو بدوره بإتمام عملية الشراء والخداع.
تمكنت الجهات الشرطية من إلقاء القبض على الزوج، في ما تبين أن زوجته موجودة خارج الدولة، وتقوم بإجراء عمليات الاتصال من الخارج وتساعده في تنفيذ الجريمة عن بُعد.
مفاجأتان صادمتان...
أظهرت التحقيقات مع الزوج مفاجأتين صادمتين، أولهما أنه وزوجته ليسا مُتزوجين فعلياً، ولا تربطهما أي علاقة زوجية، وإنما يدعيان ذلك من أجل خداع الضحية التي يتواصلان معها من أجل الإيقاع بها وجعلها تشعر بالاطمئنان.
أما المفاجأة الثانية، فتمثلت في أن «الزوجة»، التي كانت تتحدث مع مالك السيارة وتدعي أنها خليجية، لم تكن تنتمي إلى أي دولة خليجية، وأنها استخدمت هذا الادعاء والأسلوب من أجل الاحتيال عليه.
لائحة اتهام
رفعت النيابة العامة في دبي لائحة اتهام بحق «المُحتال» لمحاكمته حضورياً، وللمرأة التي انتحلت شخصية زوجته لمعاقبتها غيابياً، وذلك إلى الهيئة القضائية في المحكمة الابتدائية، بتهمة «التوصل إلى الاستيلاء لنفسيهما على سيارة المجني عليه وذلك بالاستعانة بطريقة احتيالية و بانتحال صفة غير صحيحة واتخاذ اسم كاذب».
وطالبت النيابة العامة بمعاقبتهما عن هذه التهمة عملاً بالمادة 451 البند أولاً من المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021 بإصدار قانون الجرائم والعقوبات، والتي تنص «يعاقب بالحبس أو بالغرامة كل من توصل إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو منفعة أو سند و توقيع هذا السند أو إلى إلغائه أو إتلافه أو تعديله..
وذلك بالاستعانة بطريقة احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة متى كان من شأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على التسليم».
المحكمة: غش على درجة عالية
أدانت الهيئة القضائية في محكمة الابتدائية، «المُحتال والمحتالة» بالجريمة والتهمة الموجهة إليهما، ورأت «أن المجني عليه وقع ضحية لهذا الغش والخداع الذي كان على درجة عالية من الحبك يصعب تداركها من الشخص العادي في مثل هذه الظروف، وأن المجني عليه لم يكن ليسلمهما سيارته لولا استعمال هذا الغش، الأمر الذي يؤكد للمحكمة وقوع جريمة الاحتيال في حقهما ويحق إدانتهما بها».
وقضت الهيئة القضائية، بمعاقبة «المُحتال والمُحتالة» بالحبس لمدة 6 أشهر، وتغريمها مُتضامنين مبلغ 143 ألف درهم قيمة السيارة التي تمكنا من الاستيلاء عليها دون وجه حق.