27 أغسطس 2024

إنعام كجه جي تكتب: سرقات صيفية

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

إنعام كجه جي تكتب: سرقات صيفية

«سرقات صيفية» هو عنوان فيلم من تأليف وإخراج المصري يسري نصر الله، نزل إلى الشاشات في عام 1988، وهو لا يشبه في حكايته ما نحن بصدده اليوم من سرقات صيف 2024.

إن الصيف هو الموسم المفضل للصوص والنشالين، فهم ينتهزون فرصة سفر أصحاب البيوت إلى المصايف ويتسللون إليها على أمل الفوز بتحف أو مجوهرات، أو يستغلون نشاط حركة السياحة فيندسون وسط تجمعات السياح وينشلون ما في جيوبهم وحقائبهم من هواتف ومحفظات ونقود.

يقول المتحدث باسم شرطة مرسيليا، جنوب فرنسا: إن الرياضة الشائعة بين النشالين حالياً هي نزع الساعات الثمينة من معاصم أصحابها بالقوة، حيث يرصد اللصوص السائح أو السائحة ممن يرتدون ساعات معروفة بارتفاع أسعارها ثم يهجم اثنان أو ثلاثة منهم على صاحب الساعة وينتزعونها منه ويهربون.

وسط الذهول، قد لا تجد الضحية فرصة لاستيعاب الحدث، والأغلب أنها تتقاعس عن مطاردة اللصوص، لاسيما إذا كان السائح برفقة زوجته وأطفاله، كما أن بعض النشالين يتسلح بمطواة يستعملها في حال حوصر أو شعر بالخطر، لكن ما حدث في مرسيليا هذا الأسبوع انتهى نهاية تشبه الأفلام البوليسية.

كان الجو شديد الحرارة تلك الليلة وقد فتح السائق شباك سيارته وأسند ذراعه عليه، فجأة وعند الإشارة الضوئية، توقفت بجانبه دراجة نارية تحمل شابين، مدا أيديهما وانتزعا منه ساعته وانطلقا هاربين..

هنا قرر السائق ملاحقتهما وتمكن من بلوغ النقطة التي توقفا عندها، وتقدم بسيارته بأقصى سرعة وصدم الدراجة وأطاح بالراكبين على إسفلت الطريق، ثم نزل من سيارته واستعاد ساعته ومضى بدون أن يهتم بمصير الشابين الجريحين، كان أحدهما قد فارق الحياة فور الصدمة، والثاني مصاباً إصابة بليغة.

جرى المشهد أمام عشرات المتنزهين على الرصيف والجالسين في شرفات المقاهي، وقام بعضهم بتصويره وهم يظنون أنه حادث اصطدام عادي، في التسجيلات يمكن مشاهدة سائق السيارة وهو يفتش في جيوب ضحيته المنطرحة على الأرض عن ساعته المسروقة.

هل تستحق ساعة «روليكس» قتل إنسان حتى لو كان لصاً؟ الشرطة ما زالت تبحث عن السائق وتستجوب الشهود وتراجع كاميرات المراقبة في المنطقة، وهي حادثة أعادت إلى الأذهان ما حصل في مدينة نيس، قبل سنوات، حين أخرج صاحب دكان للصياغة مسدسه وأطلق النار وقتل لصاً اقتحم المكان بهدف السرقة.

كانت أخبار السطو على محلات المجوهرات تشغل فرنسا، قد انقسم الرأي العام ما بين مؤيد لما قام به الصائغ وبين مستهجن له، هل يرتدع اللصوص ويتوقفون عن مهاجمة متاجر البضائع الثمينة؟ وكيف يكون حال المجتمع إذا قام كل فرد بتحقيق العدالة وفق ما يراه مناسباً له؟

لن يكون مجتمعاً متحضراً، بالتأكيد، بل غابة يسود فيها الأقوى.