تبدو الحكاية عادية لكن بمضي الوقت نكتشف أن الفيلم الأخير لريتشارد لينكلاتر مختلف عن أي فيلم بوليسي شوهد مؤخراً.
بعد أشهر قليلة على مشاهدة الفيلم لأول مرّة، أفادت المشاهدة الثانيّة ملاحظة طريفة وهي أن بطل الفيلم غاري (غلن باول) ليس قاتلاً محترفاً كما يشي العنوان «هِت مان»، ولا هو منفذ عمليات اغتيال وقتل..
هو في الواقع أستاذ في علم النفس في جامعة نيو أورليانز، يُعير خبرته إلى البوليس المحلّي في المدينة، المهمّة المسندة إليه هو إيقاع الراغبين في التواصل معه لتنفيذ مهمّة قتل في يد البوليس حال توكيله بالمهمّة، أي أن مهنته الجديدة هي نصب فخاخ قبل أن يجد نفسه في فخ محكم بطلته امرأة وقع في حبّها (أدريا أريونا).
ليس فقط أن الفيلم لا يحتوي على قاتل فعلي، بل لا يحاول جعل بطله يتصرّف كقاتل أيضاً، هو شخص لا يشكّل خطراً على أحد، لكنّه يقوم بواجبه حيال القانون، لو أنه سيواجه تلك المعضلة بين الواجب والعاطفة فيما بعد، كل هذا يمر في نبرة تشبه موسيقا الجاز غير الكلاسيكيّة.
سلوك الفيلم مع مشاهديه هو أيضاً مغاير للمعتاد، هناك انسياب رائع، يختلف وربما يتجاوز فيلم ديفيد فينشر حول قاتل محترف، خرج في الفترة ذاتها تحت عنوان «القاتل» (The Killer)..
نقطة الاختلاف سهولة التواصل مع فيلم لانكلاتر في مقابل الانعطافات العديدة للأحداث في فيلم فينشر، يلتقي الفيلمان في أنهما متساويان في السخرية، ولو أن السخرية في «هِت مان» جادة وخفيفة معاً.
الشخصيّة الماثلة (وهي نسخة من شخصيّة حقيقيّة لعبت الدور نفسه في الحياة الحقيقيّة) لا خلفيّة لها، هذا جيّد من ناحية أن الفيلم يبقى سهل التلقّي والتعامل مع بطله، لكنّه يخفّف كذلك من عمق الدلالات ويجعله أخفّ مما كان يؤمّل له أن يكون.