2 سبتمبر 2024

"طرد بريدي" من صديقه كاد أن يضعه في السجن 10 سنوات

فريق كل الأسرة

فريق كل الأسرة

"طرد بريدي" من صديقه كاد أن يضعه في السجن 10 سنوات

كاد طرد بريدي أن يتسبب بسجن رجل لمدة 10 سنوات مع تغريمه 100 ألف درهم، إلا أن حظه «الحسن» وقرار القضاء ساهما في إنقاذه من هذه العقوبة التي كانت كفيلة في أن تُضيع سنوات طوال من عمره.

تفاصيل قصة الرجل وما حدث معه من وقائع، اطلعت «كل الأسرة» عليها من حكمين قضائيين صدرا بحقه، وذلك بعد بدء محاكمته على خلفية «محتويات الطرد البريدي الذي أُرسِلَ له من صديقه»:

بدأت تفاصيل القضية عندما وصل طرد بريدي من إحدى الدول إلى الدولة ضمن مجموعة من الطرود المُرْسَلة من أشخاص لآخرين مُقيمين وشركات، فتم إدخال الطرد إلى جهاز كشف الأشعة السينية من أجل التدقيق على محتوياته عملاً بالأنظمة والقوانين المعمول بها في الدولة ضمن إجراءات التفتيش الجمركي.

لاحظت إحدى مفتشات الجمرك أثناء مرور الطرد على جهاز كشف الأشعة السينية أن هناك عُلبة غذائية تدعو مُحتوياتها إلى الشك فيها، وتظهر وكأن شيئاً ما غير طبيعي في داخلها ما يستدعي ضرورة فحصها يدوياً.

طلبت المُفتشة على الفور فتح الطرد البريدي للتحقق من محتويات هذه العلبة الغذائية، وبالفعل أقدم مفتشو الجمارك على إخراج العلبة وفتحها ليجدوا في داخلها ظرفاً ورقياً فيه 4 أكياس بلاستيكية تحتوي على مادة بيضاء اللون.

نوع المادة... «ماريجوانا»

فوراً، أرسل مفتشو الجمارك المادة البيضاء إلى المختبر الجنائي لفحصها والتعرف إلى محتوياتها، ليصدر المختبر تقريراً جاء فيه «أن هذه المادة هي مادة الماريجوانا المخدرة، وتزن 53.52 جرام، وتعتبر من المواد المُجرَّم حيازتها بموجب المرسوم بالقانون الاتحادي رقم 30 لسنة 2021 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية».

ماذا حصل بعد 4 أيام؟

بعد 4 أيام على كشف مُحتويات العلبة الغذائية وأنها مادة مخدرة محظورة، حضر رجل إلى مبنى البريد من أجل استلام الطرد، ليجد الجهات الشرطية المُختصة في انتظاره، ويتم إلقاء القبض عليه.

بمواجهة الرجل بالمادة الماريجوانا المخدرة، أنكر صلته بها ومعرفته بأن الطرد يحتوي عليها، مشيراً إلى أنه طلب من أحد أصدقائه أن يُرسل له طعاماً وأدوات للأطفال كونه يتاجر بها، وأنه مُتفاجئ بأنها احتوت على مادة الماريجوانا.

تمسك الرجل في كافة مراحل القضية لدى الجهات الشرطية والنيابة العامة بعدم علمه الشخصي بأن الطرد يحتوي على مادة الماريجوانا المخدرة، لكن في ظل هذا الدليل المادي «المخدر» وعلاقته به كمُستلم للطرد وصاحبه، أصبح لا بد من رفع دعوى قضائية ضده بموجب القانون.

لائحة اتهام

رفعت النيابة العامة لائحة اتهام بحق الرجل إلى الهيئة القضائية في محكمة الجنايات، بتهمة «جلب وحيازة مادة الماريجوانا المخدرة إلى الدولة في غير الأحوال المرخص بها قانوناً»، مطالبة بمعاقبته عن هذا الفعل طبقاً لمواد المرسوم بقانون اتحادي في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية التي تنص على عقوبات مشددة وغرامات مالية عالية،

كما طالبت النيابة العامة بتطبيق المادة 75 من القانون ذاته التي تنص «تقضي المحكمة بإبعاد الأجنبي الذي حكم بإدانته في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا المرسوم بقانون».

السجن 10 سنوات

مَثل الرجل أمام الهيئة القضائية في محكمة الجنايات، وتمسك أيضاً بإنكار التهمة الموجهة إليه مُجدداً دفاعه بعدم علمه بوضع صديقه للمادة المخدرة في العلبة الغذائية ضمن محتويات الطرد البريدي.

رأت محكمة الجنايات أن الرجل مُدان في الجريمة في ظل وجود المادة المخدرة في الطرد المُرسَل باسمه ورفضت الأخذ بدفاعه بعدم علمه، لذلك قضت بمعاقبته بالسجن لمدة 10 سنوات، وأمرت بتغريمه مبلغ 100 ألف درهم، ومصادرة المادة المخدرة المضبوطة، وإبعاده عن الدولة بعد قضاء مدة الحكم.

محكمة الاستئناف تُنقذه

انتقلت أوراق القضية إلى المرحلة الثانية من التقاضي أمام محكمة الاستئناف، وهنا كان للهيئة القضائية الاستئنافية رأي آخر في القضية، حيث رأت أن «مجرد وجود المخدر في بضاعة مُرسلة باسم المتهم لا يكفي كدليل على توافر القصد الجنائي من قبله لارتكاب هذه الجريمة».

وأوضحت الهيئة القضائية أن «الاستناد إلى وجود المخدر داخل الشحنة المُرسلة باسم المتهم وإنشاء قرينة قانونية مبناها افتراض علمه بجوهر ووجود المخدر في الطرد من واقع حيازته له أمر لا يمكن إقراره قانوناً».

ورأت المحكمة أن الأوراق قد خلت من دليل يقيني على علم المتهم بوجود المادة المخدرة في داخل الطرد، مشيرة إلى أنها ترى أن «الأدلة القاطعة» على توافر علم المتهم بوجود المادة المخدرة في الطرد غير متوفرة، وأنها تطمئن إلى أقواله بأنه لم يكن يعلم بأن الطرد يحتوي على المادة المخدرة.

قضت الهيئة القضائية في محكمة الاستئناف في ختام حكمها، بإلغاء الحكم الصادر من محكمة أول درجة والقاضي بمعاقبة الرجل بالسجن 10 سنوات والغرامة المالية 100 ألف درهم، والإبعاد عن الدولة، وأمرت ببراءته من التهمة الموجهة إليه بسبب «طرد صديقه الذي يحتوي على مادة مخدرة».

 

مقالات ذات صلة