3 سبتمبر 2024

إنعام كجه جي تكتب: قرية فرنسية ضد العنصرية

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس.

بقالة عادل ونوال
بقالة عادل ونوال

على مدخل دكان البقالة في بلدة سان أوبير، شمال فرنسا، كانت هناك في ذلك الصباح باقات أزهار وهدايا صغيرة ورسائل تحمل عبارات طيبة.. ما المناسبة؟

صاحب الدكان مغربي يدعى عادل جابين، وهو يدير تجارته المتواضعة بمساعدة زوجته نوال، وكل الأهالي يعرفون الزوجين لأن دكانهما هو متجر البقالة الوحيد في القرية.

ماذا حدث؟ تعرض عادل ونوال خلال الأسابيع الماضية إلى إهانات وشتائم عنصرية، بل وصل الأمر إلى حد تلقيهما تهديدات بالموت في حال لم يحزما الحقائب ويرحلا من حيث جاءا.

قبل أكثر من سنة، ترك الزوجان باريس لأن السكن فيها بات باهظاً وفرص العمل شحيحة، إنهما يحملان الجنسية الفرنسية ويمكنهما طلب الرزق في أي مدينة غير العاصمة، انتقلا إلى الشمال بحثاً عن مجال أرحب لهما ولأطفالهما، الشقق الصغيرة في باريس خانقة بينما المنزل في القرية أوسع ولديه حديقة.

نظراً لاختفاء المرافق المختلفة من البلدات الريفية الصغيرة والقرى، بسبب هجرة الشباب إلى المدن، اتخذت الدولة قرارات لتشجيع الأهالي على السكن في الأرياف، وهناك تسهيلات مالية لمن يفتتح دكاناً أو عيادة أو صيدلية أو مقهى هناك..

وقد استفاد الزوجان المغربيان من هذه التسهيلات وحصلا على منحة تعينهما على البدء بمشروع خارج زحام المدينة.

عدد سكان سان أوبير 1600 نسمة، قرويون طيبون، لكن في كل بقعة على الأرض فئات جاهلة ونفوس شريرة، وقد استمع بعض الجهلة إلى شائعة روجها أحد العنصريين وزعم فيها أن الزوجين باعاه عبوة زبدة ذات رائحة كريهة..

ثم فوجئ الأهالي، قبل أسبوعين، بمنشور على موقع للتواصل كتبته مواطنة منهم، تعبّر فيه عن حزنها لأن دكان البقالة الوحيد سيغلق أبوابه.

ما السبب؟ عرف الأهالي أن الزوجين المغربيين المسالمين يتلقيان تهديدات عنصرية، قال كبار السن: إن هذه هي الكراهية المجانية، بل هي نقص في الوعي المدني ومخالفة لقوانين المواطنة، تنادى حكماء البلدة وأصدروا بياناً تضامناً مع عادل ونوال، وخلال ساعات كان هناك 300 توقيع على البيان.

وقفت بلدة سان أوبير الشمالية كلها سنداً للأسرة المغربية الأصل التي التجأت إليها حين ضاقت بها السبل في باريس، وكان التعبير الأجمل على رفض العنصرية هو تلك الهدايا وباقات الورد التي وجدها عادل ونوال عند الباب، ولأن المحبة لابد وأن تقابل بالمحبة، صرفا النظر عن إغلاق الدكان.

 

مقالات ذات صلة