17 سبتمبر 2024

ادعوا علاقتهم بعالم الجن.. ليلة سقوط عصابة الزئبق الأحمر والدولارات المزيفة

فريق كل الأسرة

فريق كل الأسرة

ادعوا علاقتهم بعالم الجن.. ليلة سقوط عصابة الزئبق الأحمر والدولارات المزيفة

نجحت عصابة الزئبق الأحمر في إقناع الضحايا بقدرتهم على تسخير الجان وتحويل الأموال التي بين أيديهم إلى حفنة من الدولارات بنفس العدد والقيمة..

عشرات بل مئات الضحايا سقطوا في هذا الفخ، حتى سقطوا في قبضة رجال الشرطة بالصدفة البحتة بعد أن حققوا عمليات نصب قُدّرت بشكل مبدئي بملايين الدولارات.

يبحث النصّاب دائماً عن الطمّاع، يلتقي الطرفان في منطقة تحقيق الثراء السريع، لكن لا يعلم الطماع أنه يضع مستقبله وربما «تحويشة» عمره مع أذكى شخص يمكن التعامل معه، يمارس عمله من خلال إقناع ضحاياه، كما حدث في إحدى المدن الساحلية التي تبعد عن العاصمة 250 كلم.

لقاء في السجن

أبطال القصة عاشوا حياتهم طولاً وعرضاً، كانوا من أرباب السوابق، التقوا جميعاً داخل السجن كل واحد منهم كان يقضي فترة عقوبته في قضية مختلفة، منهم النصاب ومنهم تاجر المخدرات وبينهم اللص، نشأت بينهما جميعاً صداقة داخل السجن، كانت صداقة السوء، فتح كل منهما قلبه للآخر حتى أصبحوا لا يفترقون أبداً..

بدأ الواحد منهم تلو الآخر يغادر جنبات السجن لأسباب مختلفة، منهم من يخرج بعفو أو من يخرج نتيجة حسن السير والسلوك أو انقضاء المدة، المهم أنهم جميعاً في غضون شهور قليلة التقوا مرة أخرى لكن خارج أسوار السجن..

كانت أمورهم المالية على أسوأ ما يكون، كل منهم يشكي حاله لصديقه ويندب حظه، كما أن كل واحد منهم كان يخضع للمراقبة وبالتالي فإن تصرفاته وأنفاسه محسوبة عليه بدقة.

كانت الأمور تسير بالكاد، إلى أن اقترح أحدهم القيام ببعض عمليات النصب التي تكفل لهم الأمان المالي دون المخاطرة أو الدخول في تفاصيل من شأنها أن تعيدهم إلى غياهب السجون مرة أخرى، فحياة الفقر التي عاشوها حوّلتهم إلى شياطين متحركة..

كان عشقهم الوحيد هو المال ولا شيء غيره، وسط كل هذه المعوقات هداهم تفكيرهم الإجرامي إلى فكرة جهنمية وهي النصب على الأشخاص المهوسين بالجن والعفاريت والزئبق الأحمر الذي يحقق الأمنيات.

خطة مجنونة

بدأ الأصدقاء الثلاثة في تنفيذ خطتهم المجنونة بعيداً عن العيون، ما دفعهم لترك وسط العاصمة والذهاب إلى إحدى المدن الساحلية التي لا يعرفهم فيها أي شخص، من هناك تكون نقطة الانطلاق، ظهر الأشقياء الثلاثة في أحد الأحياء كمجموعة من الشركاء ورجال الأعمال أصحاب التجارة الكبيرة..

هكذا أوهموا الضحايا، وخلال شهور قليلة استطاعوا إقناع من حولهم بأن لديهم القدرة على تسخير الجان، وتحويل العملات المصرية إلى ملايين الدولارات، كما أكدوا قدرتهم على استخراج الكنوز من باطن الأرض، من بينها الآثار والذهب وخلافه..

ونجحوا أيضاً في إقناع من حولهم أنهم على علاقة وطيدة بملوك الجان وهذا سر قوتهم، الغريب في الأمر أنهم كانوا ينفقون بسخاء كبير ويحققون الأحلام بالفعل لبعض الضحايا الذين وقعوا في براثن أكاذيبهم.

لغز الزئبق الأحمر

كان الأشقياء الثلاثة يتنقلون من مكان إلى آخر بنفس الكيفية وخفة الحركة، بعد أن يكونوا قد ضربوا ضربتهم المنتظرة واستولوا على الهدف المنشود بالنسبة لهم، بسرعة التف حولهم الأثرياء والتجار الكبار..

الجميع كان يريد أن يعرف سر التغيير الكبير الذي طرأ على حياتهم بهذا الشكل، هنا بدؤوا في رواية قصتهم من البداية إلى النهاية، بعد أن أقنعوا الحضور بالقسم وحلف اليمين لحفظ السر وإلا يعود الضحية لحياة الفقر مرة أخرى.

نجح الأشقياء الثلاثة من خلال شبكة من المسوقين النصابين في الترويج لفكرة أن كل هذه الثراء سببه عثورهم بالصدفة على الزئبق الأحمر الذي يحقق المعجزات، كما روجوا أن هذا الزئبق نادر الوجود ومن يعثر عليه فهو من القلائل المحظوظين في العالم..

ونجحوا في إقناع الجميع أن استخراج هذه المادة من باطن الأرض بمساعدة الجن، يتطلب تنفيذ بعض الأوامر ودفع العديد من النقود السائلة، مؤكدين أن هذه النقود ستعود بسرعة بصورة أو بأخرى فور العثور على هذا السائل النادر، كانت قصتهم تعتبر مصدر إلهام لعشرات وربما مئات المريدين الباحثين عن وهم أو حلم الثراء السريع بدون أدنى مجهود.

عيون رجال الشرطة

على الجانب الآخر كانت بلاغات عدة تأتي إلى رجال المباحث من عدد من المواطنين والتجار وصغار رجال الأعمال بمواصفات تجار الزئبق الأحمر، الذين يختفون فور حصولهم على الأموال المتفق عليها..

حيث يكتشف الضحايا في ما بعد أنهم تعرضوا للنصب وأن المادة التي بحوزتهم ما هي إلا مركب كيميائي يعطي الشعور لمن يشاهده لأول مرة بأنه السائل النادر..

لكن سقوط شبكة الزئبق الأحمر لم يكن بالأمر الهين بسبب كثرة تنقلاتهم من مكان إلى مكان ومن محافظة إلى أخرى بالإضافة إلى نجاحهم في التخفي والاختباء، كلها أمور صعّبت من مأمورية القبض عليهم، إلى أن قادت الصدفة رجال الشرطة إلى أفراد العصابة.

من جانبهم بدأت الأحداث تسير وفق ما رسمه الأشقياء الثلاثة، في المدينة الساحلية حيث اتفق مجموعة من التجار على شراء زجاجات الزئبق الأحمر بأي ثمن، كان رد العصابة أنهم لن يتمكنوا من توفير الكمية المطلوبة كلها في توقيت واحد..

لكن من الممكن أن يتم تسليمها على دفعات، كان شرطهم الوحيد هو دفع 50% من المبالغ المتفق عليها قبل التسليم، ووافق الجميع على هذا الشرط، ولم يكن الأشقياء الثلاثة يعلمون ماذا تخبئ لهم الأيام المُقبلة؟

شك أحد التجار في أمرهم وقام بإبلاغ رجال المباحث بتفاصيل كل ما حدث، الأمر الذي دفع رجال مباحث الأموال العامة في تشديد الخناق عليهم وعمل كمين محكم للقبض عليهم، أيام قليلة وعلى حسب الزمان المحدد سلفاً التقى الأشقياء الثلاثة مع الضحايا على أساس الحصول على نصف المبلغ المتفق عليه قبل التنفيذ..

كانوا يخططون إلى الهروب فور استلامهم هذه الأموال ومن ثم مواصلة رحلة الهرب إلى مكان آخر للبحث عن ضحايا آخرين، لكن لم يمهلهم الحظ في تنفيذ مخططهم الإجرامي حيث داهم رجال المباحث المكان وتم القبض على الجميع كما تم التحفظ على التجار ومصادرة الأموال المضبوطة، وتم اقتياد الجميع إلى قسم الشرطة وهناك بدأت الحقائق تنكشف تباعاً.

تم تحرير محضر بالواقعة وإحالة الأشقياء الثلاثة إلى النيابة العامة، التي أمرت بحبسهم 15 يوماً على ذمة التحقيقات الجارية معهم، لحين الاستماع إلى أقوال باقي الضحايا وشهود العيان.

إعداد: كريم سليمان

 

مقالات ذات صلة