Agora هو الفيلم الروائي الثالث للمخرج التونسي علاء الدين سليم الذي ينطلق غامضاً كسابقيه، لكن يتوغل في الغموض لدرجة إلغاء الاهتمام الذي كان يستحق.
المخرج علاء الدين سليم
وفّر فيلما المخرج علاء الدين سليم السابقان، «آخرنا» (2016) و«تلامس» (2019)، جديداً في نطاق سينما الرمزيات المستقاة من الواقع، تمحورا حول صعوبة التفاهم بين أبطاله واللغزية الخاصة بمصائر شخصيات تلتقي وجدانياً وذهنياً بعد ما لجأت إلى أماكن مقفرة، وفّرا كذلك نظرة على بيئة بديلة لواقع المدينة تتميّز باللجوء إليها والصمت شبه المطبق.
هنا، في فيلمه الثالث، يبدو المخرج كما لو فقد جزءاً من أسلوب معالجة تلك الدلالات، السيناريو الذي كتبه دفن في طياته المعاني المقصودة وعمّق دلالاتها بحيث بات من الصعب الاتفاق على قراءتها، في الواقع الفيلم أكثر دكانة وغموضاً من أي من أفلامه السابقة، ولو إنه معالج فنيّاً بجمالية بصرية مشهودة.
يبدأ الفيلم بحوار مكتوب بالفصحى بين اثنين:
«هل كنت تحلم؟»
«لا، وأنت؟»
«لا أرى سوى الكوابيس في الآونة الأخيرة»
«أنا أيضاً، أشعر بكارثة مقبلة».
كلا المتحاورين يقرر بأن القادم أسوأ، لكن ما هو هذا القادم؟ لماذا تكرار الأذان وترداد نباح الكلاب؟ ما دلالات السمك الميّت الذي تجرفه مياه البحر إلى الشاطئ؟ ومن هما أساساً؟
هذه الأسئلة وسواها تتوزع طوال الفيلم، لكن السبيل إلى فهمها وتحديد معانيها على نحو يساعد المتلقي على قراءة العمل والانفعال معه مسدود، تنتقل القصّة من بال المخرج إلى صوره من دون كثير اكتراث للمرور جلياً..
محورها ثلاثة أشخاص (بينهم امرأة) عادوا من البحر بعدما كانوا قد غرقوا فيه قبل سنين، كيف ولماذا؟ هما سؤالان آخران ينطلقان من أن العائدين ليسوا موتى وليسوا أحياء أيضاً، والتحري فاتح (ناجي قنواتي) يحقق طارقاً أبواب احتمالات عدّة كلها مخزونة في لغز يربط الماضي بالحاضر وبمستقبل أسوأ..
معه في البحث طبيب لا يملك بدوره أجوبة، وابن مدينة اسمه عمر (ماجد مستورة) يصل القرية بعد ما تناهى إليه ما ألمّ بالقرية الصغيرة.
ما بين الصورة والكلمة يمضي الفيلم معتمداً على ما يوفره المخرج من دلالات تصل إلى منتصف الطريق وتتوقف، لا يبقى سوى جماليات التصوير الداكن وإيحاء بأن هؤلاء العائدين من الموت ما زالوا يطلبون عدالة مفقودة تبعاً لأحداث مرّوا بها.