كل ما لا تتوقعه من فيلم جديد عن شخصية «جوكر»، الشرير الأول في عالم «باتمان»، يحدث في هذا الفيلم، على عكس أفلام الكوميكس، ليس عن بطولة خارقة، وعلى عكس «جوكر» الأول، ليس كذلك عن تأسيس ثم جرائم آرثر فليك (واكين فينكس) التي تقع أمام العين كما الحال في الفيلم السابق. أكثر من ذلك، هو فيلم ميوزيكال.
تخيّل الشرير الذي روّع غوثام سيتي يغني، ثم تخيل أن من يغني هو واكين فينكس، ليدي غاغا تشترك معه في الغناء وتغني وحدها، هذا يبدو طبيعياً كون الغناء هو مهنتها الأولى، لكن فينكس؟! جوكر؟!
هذا ليس كل ما هو مختلف هنا: جوكر حبيس في سجن بانتظار محاكمته، غالبية الأحداث تقع في السجن، كونه مجرماً لا يتورع عن شيء وداهية كما عودتنا كل تلك الأفلام السابقة مع باتمان وبدونه، يجعلك تتوقع هروبه من السجن..
لكن للخيال حدود وهو لا يستطيع الفكاك ولا يفكّر أساساً فيه، في نصف الساعة الأخيرة تتاح له فرصة الهرب بعدما ساعدته المرأة التي يحب (غاغا) بتفجير سيارة في المحكمة التي أصدرت حكمها بإعدامه، لكن هروبه، مستغلاً الفوضى والدمار، لا يستمر إلا لفترة وجيزة، بعد ذلك هو في السجن بانتظار الموت.
لا أستطيع البوح هنا عما إذا سيأتيه ذلك الموت أو لا، لكن النهاية بدورها مفاجئة.
الكاتب والمخرج تود فيليبس، الذي أنجز الجزء الأول (أكثر من مليار دولار سنة 2019)، يخلع عن بطله كل علامات الدهاء، وكل الألاعيب والكثير من الشر في الصميم، قد يكون أي شخص آخر لولا حاجة الفيلم لاسمه، جوكر ليس لديه نكات يطلقها في هذا الفيلم، أو كما تخبره غاغا في حوار «فقد الخيال»، ما الذي حدث له؟
هل أفاق من وهم عاشه سابقاً؟ هل طوّعه السجن وظروفه واضطهاد الحرس له؟ نعم، جواباً على هذين السؤالين، لكن هذا لا يمنعه من السعي للبقاء حيّاً، يتحوّل في محاكمته إلى المهرج الذي تعودنا عليه لكن من دون الخوف منه، يرتدي البدلة الحمراء ويلطخ وجهه بالألوان ويدافع عن نفسه أمام المحلّفين والقاضي.
في حين تبذل غاغا جهدها لتكون ندّاً لواكين فينكس، لكن هذا الأخير يوفّر التمثيل الذي لا يُضارى، المنافس الوحيد في تجسيد هذه الشخصية هو جاك نيكولسن كما ظهر في نسخة تيم بيرتون «باتمان» سنة 1989.
الوجهة التجارية مجهولة تماماً، قد ينجح الفيلم في جذب الجمهور ذاته، وقد يجذب نصفه فقط أو يسقط حال ينتشر الخبر من أن جوكر هنا أضعف من أن يدافع عن نفسه.