9 أكتوبر 2024

ريادة الأعمال في الإمارات.. بيئة خصبة للابتكار ودعم لا محدود

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

ريادة الأعمال في الإمارات.. بيئة خصبة للابتكار ودعم لا محدود

تواصل دولة الإمارات ترسيخ مكانتها كبوابة رئيسية لريادة الأعمال والابتكار، فبفضل رؤيتها الاستراتيجية وسياساتها الداعمة تمكّنت من أن تكون موطناً للعديد من الأفكار الإبداعية التي تحولت لمشاريع ناجحة تسهم في بناء اقتصاد نوعي ومتقدم.

في تحقيقنا هذا، نسلط الضوء على بعض المشاريع المبتكرة التي وجدت في الإمارات بيئة مثالية للنمو، كما نقدم نماذج لتجارب ناجحة تجسد الإمكانيات الهائلة التي توفرها الدولة لرواد الأعمال والمستثمرين:

ريادة الأعمال في الإمارات.. بيئة خصبة للابتكار ودعم لا محدود

بيئة الإمارات أرض خصبة للابتكار والنجاح

يشير، الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال الدكتور أحمد حسن الشيخ، إلى أن قصص النجاح العالمية التي شهدتها الإمارات لشركات انطلقت من أرضها، تؤكد على دور البيئة الاستثنائية التي توفرها لرواد الأعمال، يوضح «صفقات ضخمة تمت في السوق المحلي تؤكد على الدور الحيوي الذي تلعبه الدولة في تعزيز ريادة الأعمال، من أبرزها على سبيل المثال، تلك التي تخص شركات مثل «طلبات» و«كريم»، والتي انتهت بأرباح بمليارات الدراهم، بعد أن بدأت بفكرة بسيطة لتوفير خدمات معينة..

هذه النجاحات لم تكن وليدة الصدفة بل هي نتاج بيئة داعمة تبنتها الدولة، حيث وضعت رواد الأعمال في قلب خططها التنموية من خلال توفير بنية تحتية متطورة، وإتاحة تسهيلات قانونية وتشريعية جعلت من السهل على الشركات الناشئة الانطلاق والتوسع، بالإضافة إلى السياسات التي تهدف إلى تعزيز الابتكار وتحفيز الاستثمارات، ووجود البرامج التمويلية والحاضنات التقنية، التي أسهمت في خلق مناخ مثالي لتحويل الأفكار إلى مشاريع ناجحة».

يؤكد د. الشيخ، الذي يرأس إدارة «معهد حوكمة»، وشركة «دوكاب»، وعضوية مجلس إدارة «سلطة مركز دبي المالي العالمي»، والكثير من المناصب، ويبرز كأحد الشخصيات الاقتصادية في الإمارات، «على الرغم من قبول السوق للأفكار الجديدة وانتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة، إلا إنها تستغرق سنوات قبل أن يتم اعتمادها وتطبيقها بشكل واسع، ما يضع رائد الأعمال تحت الضغط، بالإضافة إلى مشاكل التمويل اللازمة لإطلاق المشاريع وهي التحدي الأكبر الذي يواجه رواد الأعمال، خاصةً في إقناع البنوك والمستثمرين بالتمويل».

ريادة الأعمال في الإمارات.. بيئة خصبة للابتكار ودعم لا محدود

ريادة الأعمال متاحة للجميع

تشيد رائدة الأعمال رشا الظنحاني، بدور دولة الإمارات الريادي في دعم رواد الأعمال، مشيرة إلى أن هذا الدعم كان من أهم الأسباب التي أسهمت في نجاحها «الإمارات من الدول التي تضع المرأة في مقدمة اهتماماتها، وتوفر لها كل الإمكانيات لتحقيق النجاح، وأفخر بكوني إماراتية، وبفضل الله ثم حكومتنا الرشيدة وبقيادة شيوخنا، استطعت أن أحقق نجاحاً كبيراً في مجال الأعمال»..

تضيف «يمكن للمرأة، وإن كانت ربة منزل، النجاح في مجال ريادة الأعمال، كل امرأة تستطيع أن تبدأ مشروعاً صغيراً من منزلها دون الحاجة إلى رأس مال كبير أو مكان مخصص، بل يكفي أن يكون لديها الرغبة والإصرار والإيمان بقدراتها»..

مشددة على «أن الريادة ليست مقتصرة على أصحاب المشاريع الكبيرة، بل يمكن أن تبدأ من خطوات بسيطة تتطور مع الوقت، فقد فتحت التكنولوجيا آفاقاً واسعة للتعلم والتطوير، واليوم يمكن لأي شخص أن يتعلم كل ما يحتاجه عبر الإنترنت، ويطور مهاراته دون أي عذر».

ريادة الأعمال في الإمارات.. بيئة خصبة للابتكار ودعم لا محدود

تكشف الظنحاني، التي تمكنت من وضع بصمتها في عالم الأعمال بعد نجاحها في تحويل عشقها للمأكولات الفريدة إلى مشروع عالمي رائد، حيث بدأت رحلتها مع «باباروتي» بعد أن استوحت الفكرة من تذوق كعكة القهوة المميزة في ماليزيا وتمكنت من إطلاق سلسلتها الناجحة في «دبي مول»، «التحديات والعقبات جزء لا يتجزأ من مسيرة أي رائد أعمال، والقدرة على تجاوزها هي ما يميز الناجحين في هذا المجال»..

وتؤكد «الخوف من الفشل والضغوط الاجتماعية من أكبر المشكلات والعقبات التي تحدّ من طموح رواد الأعمال، فالفشل جزء من رحلة النجاح وليس نهاية المطاف، والتعلم من الأخطاء وإعادة المحاولة هو المفتاح لتجاوز هذه العقبة، كما يعد نقص الخبرة العملية وعدم القدرة على الانخراط الفعلي في المشروع، وتقديم أفكار جديدة، من أبرز تحديات بيئة الأعمال الحالية، العالم يتغير بسرعة، لذلك من الضروري أن يكون لكل مشروع عنصر يميزه عن غيره».

ريادة الأعمال في الإمارات.. بيئة خصبة للابتكار ودعم لا محدود

التنوع الثقافي للمجتمع الإماراتي عزز نجاح المشاريع

في حديثه عن ريادة الأعمال في الإمارات، يبين رائد الأعمال الإماراتي سيف المنصوري الذي كانت انطلاقته مع جائحة «كوفيد-19»، «تتصدر دبي المشهد في تهيئة بيئة ريادية متكاملة داعمة لكافة أنواع المشاريع الناشئة والمستقبلية، وفي نفس الاتجاه تسير الإمارات الأخرى، ما يخلق بيئة متكاملة لدعم رواد الأعمال سواء كانوا أصحاب مشاريع قائمة أو يطمحون لبدء مشاريعهم من الصفر»..

يوضح «ما يميز دبي التسهيلات الكبيرة التي تقدمها للمستثمرين ورواد الأعمال، منذ بدء الفكرة وصولاً إلى استخراج الرخص التجارية، وتوفير خيارات متنوعة كالمناطق الحرة التي تقدم تسهيلات خاصة تساعد على جذب شرائح واسعة من المستثمرين من داخل الدولة وخارجها، بالإضافة إلى التنوع الثقافي للمجتمع الإماراتي الذي أسهم في وجود قوة شرائية كبيرة تعمل على تعزيز فرص نجاح المشاريع بمختلف أنواعها، سواء في قطاع المطاعم أو الرياضات أو أي مجال آخر».

ريادة الأعمال في الإمارات.. بيئة خصبة للابتكار ودعم لا محدود

يشير المنصوري للأخطاء التي يقع فيها رواد الأعمال «عدم وجود دراسة جدوى دقيقة وعدم حساب تدفق السيولة المالية بشكل دقيق، فخان يقع فيهما العديد من رواد الأعمال، حيث يتجاهل بعض منهم الحاجة إلى ميزانية كافية تغطي تكاليف الإيجار، رواتب الموظفين، وشراء البضائع لفترة تمتد إلى ثلاث سنوات على الأقل، ويجبره ذلك على اتخاذ قرارات سلبية غير صحيحة تؤدي إلى إغلاقه قبل أن يحقق النجاح المتوقع»..

يوضح المنصوري «مستقبل ريادة الأعمال يتجه نحو المشاريع التي تعتمد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، لذلك على رواد الأعمال التركيز على المشاريع المستقبلية التي تعتمد بشكل كبير على الابتكار وتلبية احتياجات السوق ومتطلباته بطريقة فعالة والابتعاد عن المشاريع التي تعتمد على (الترند)».

ريادة الأعمال في الإمارات.. بيئة خصبة للابتكار ودعم لا محدود

الإمارات بيئة حاضنة لرواد الأعمال وتقديم فرص النجاح

بينما تعلق أسماء هلال لوتاه «في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه بعض الدول الأوروبية، أصبحت الإمارات تُعرف بـ«بلاد الفرص»، خاصة في محدودية المنافسة التي قد تكون شديدة في أسواق أكبر مثل أوروبا وأمريكا، وما تتيحه من بيئة خصبة لريادة الأعمال، لافتتاح العديد من المشاريع التجارية الناجحة سواء كانت صغيرة أو كبيرة، ليس للمواطنين فقط، بل لرواد الأعمال من مختلف الجنسيات»..

فقد تمكنت لوتاه من أن تبرز كرائدة أعمال في مجال العافية والصحة، وتحول شغفها بالرياضة والعناية بالجسم إلى مشروع ريادي ناجح ليصبح مركزها «بلاتيز ستوديو» من بين أفضل 100 شركة صغيرة ومتوسطة في دبي، «وهو ما لا يمكن تحقيقه لو كان في نيويورك على سبيل المثال مقارنةً بالإمارات، حيث المنافسة كبيرة بسبب وجود العديد من المشاريع المشابهة»..

وتضيف «تلعب العديد من المؤسسات والبرامج التمويلية، مثل مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وصندوق خليفة الذي حصلت من خلاله على قرض بدون فوائد للبدء بمشروعي، وغيرها من الجهات، دوراً محورياً من خلال تقديم الإرشادات والدعم والتسهيلات والإمكانات اللازمة بما يعزز قدرة المواطنين من رواد الأعمال على تأسيس مشاريعهم، ففي مسيرة أي مشروع يبقى تأمين رأس المال هو التحدي الأكبر الذي يواجه رواد الأعمال..

النجاح يتطلب توفير التمويل اللازم لدفع الرواتب، تغطية التكاليف التشغيلية، والحصول على التسهيلات التي قدمتها الدولة بالإضافة إلى كل ما يتعلق بالتراخيص المطلوبة، والإعفاء من الضرائب لبعض الجنسيات، وهو بالتالي ما أسهم في جذب الكثير من المستثمرين».

ريادة الأعمال في الإمارات.. بيئة خصبة للابتكار ودعم لا محدود

الإمارات تمنح المشاريع المبتكرة فرصاً للنجاح

يصف رائد الأعمال حسين شاهين الطاهري دور الإمارات في هذا المجال «ينعكس دور دولة الإمارات بالاهتمام برواد الأعمال من خلال الاهتمام بتطوير المشاريع الناشئة المتوسطة والصغيرة، وتعزيز مهارات رواد الأعمال بدءاً من توفير المشورة والتوجيه، وصولاً إلى إدماجهم في بيئة تعليمية مناسبة تسهم في تحسين قدراتهم وتسهم في نجاح واستدامة مشاريعهم، لتكون الإمارات وبفضل هذه التوجيهات مركزاً عالمياً لريادة الأعمال»..

أرسى حسين الطاهري دعائم نجاحه كأحد رواد الأعمال في مجال تأجير السيارات في الإمارات من خلال الجمع بين الخبرة التقليدية والتكنولوجيا الحديثة، ليتمكن في عام 2022 وخلال جائحة «كورونا» من تحويل حلمه إلى واقع ملموس، بإطلاق خدمة رقمية مبتكرة تزيل الحاجة إلى الإجراءات التقليدية في تأجير السيارات من خلال شركة «يلدي» الأولى من نوعها في المنطقة..

ويقول «لا يوجد نوع محدد من المشاريع يمكن القول إنه الأنجح بل تكمن الأهمية في كيفية تطوير وتنفيذ المشروع، جميع القطاعات في الإمارات تشهد حيوية ونشاطاً كبيرين، ما يجعل السوق المحلية مناسبة لأي نوع من المشاريع، شريطة أن تكون مدروسة بشكل جيد، كما أن البيئة الاقتصادية في الإمارات تمنح كل فكرة فرصة للنجاح، بفضل التسهيلات التي توفرها الدولة، مثل سرعة إصدار الرخص التجارية والفتح السريع للحسابات البنكية، لذا كل مشروع مبتكر يمكن أن يكون ناجحاً، إذا ما كان مدروساً بشكل يخدم المجتمع».

يوجز الطاهري «دخول عالم ريادة الأعمال في الإمارات فرصة مميزة، لكنها ليست خالية من التحديات، خاصةً في سوق مملوء بالمنافسين الذين يستحوذون على حصص السوق، ما يتطلب من رائد الأعمال اتباع استراتيجيات فعالة ومبتكرة بما يتناسب مع احتياجات السوق المحلية».

* تصوير: السيد رمضان ومن المصدر

 

مقالات ذات صلة