13 أكتوبر 2024

د. رباب المنصوري: الأشعة التشخيصية تساعد على الكشف المبكر عن العديد من الأمراض بدون تدخل جراحي

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

د. رباب المنصوري: الأشعة التشخيصية تساعد على الكشف المبكر عن العديد من الأمراض بدون تدخل جراحي

جاء اهتمامها بمجال تخصصها لكونه يجمع بين التكنولوجيا المتقدمة، ودقة التشخيص، فما وجدته فيه من تحدٍّ فكري وإبداعي، إلى جانب دوره المحوري في اتخاذ القرارات السريرية، وتأثيره المباشر في حياة المرضى، دفعها لأن تكمل مشوارها، لتصبح بعدها أول إماراتية تحصل على شهادة أفضل طبيب زمالة في تخصص الأشعة التشخيصية، من جامعة ماكماستر بكندا، لتكمل الزمالة المتخصصة في أمراض الصدر والبطن، مع التركيز على الأمراض السرطانية من الجامعة نفسها، كما حصلت على البورد العربي في الأشعة التشخيصية.

التقينا الدكتورة رباب المنصوري، استشاري طب الأشعة التشخيصية، لنتعرف إلى أهمية هذا التخصص، ودوره في استشفاء المرضى:

د. رباب المنصوري: الأشعة التشخيصية تساعد على الكشف المبكر عن العديد من الأمراض بدون تدخل جراحي

تخصّصت في دراسة الأشعة التشخيصية، فما الإضافة التي تحققها في المجال الطبي؟

تساعد الأشعة التشخيصية على الكشف المبكر عن العديد من الأمراض من دون تدخّل جراحي، مثل الأورام، وغيرها، ما يتيح التدخل السريع والعلاج الفعّال، كما تسهم في متابعة استجابة المرضى للعلاج، وتحديد مدى تقدم الحالة، وهي مرحلة مهمة تساعدنا على أن نتعرف ما إذا كنا نسير بالعلاج على الطريق الصحيح، أم لا، ساعدني ذلك كله على اختيار دراسة هذا التخصص المهم.

هل لهذا التخصص دور في مرحلة العلاج؟

الأشعة تستخدم لتشخيص عدد كبير من الأمراض، وما يتعلق باستخدامها في العلاجات فهذا يحدث بكل تأكيد، فعلى سبيل المثال، يُستخدم التوجيه الإشعاعي في إجراءات علاجية، مثل الخزعات، تصريف السوائل، أو حتى في تقنيات متقدمة، مثل العلاج بالأشعة التداخلية لعلاج الأورام، أو انسداد الشرايين.

الأشعة التشخيصية تساعد الأطباء على اتخاذ قرارات سريرية مبنيّة على معلومات دقيقة

ما مزايا وعيوب الأشعة التشخيصية؟ وهل التداخلية مكملة لها؟

هناك مزايا عدّة، منها توفير التشخيص الدقيق وغير الجراحي للعديد من الحالات، ما يساعد الأطباء على اتخاذ قرارات سريرية مبنية على معلومات دقيقة، وهي كما ذكرت، تتيح الكشف المبكّر عن بعض الأمراض، وهو أمر حاسم في تحسين فرص العلاج، أما بالنسبة إلى عيوبها، فبعض تقنيات الأشعة تعتمد على الإشعاع، مثل الأشعة السينية والتصوير المقطعي، وهذا يعرّض المريض للإشعاع الذي قد يكون له أضرار جانبية على المدى القصير، والبعيد، ولكن هذه المخاطر تُعدّ منخفضة، مقارنة بفوائد التشخيص، والعلاج.

أما ما يتعلق بكون الأشعة التداخلية جزءاً منها، فنعم، تُعد مكملة لها، فهي تستخدم لإجراءات علاجية دقيقة تحت توجيه التصوير، وهذا يشمل إدخال القسطرات، أو توجيه الإبر لإجراء الخزعات، أو حتى علاجات الأورام من خلال التردّدات الراديوية.

د. رباب المنصوري: الأشعة التشخيصية تساعد على الكشف المبكر عن العديد من الأمراض بدون تدخل جراحي

عدت أخيراً من رحلة سفر تتعلّق بالمجال العلمي، هل لك أن تلخّصي أهم الدروس التي تعلمتها من تلك التجربة؟

أتيحت لي الفرصة للعمل مع خبراء الأشعة، وتحديداً المختصين في الأمراض السرطانية، وفي أفضل مستشفيات كندا، ومن أهم الدروس المستفادة هو أن التقدم في الطب يعتمد بشكل كبير على تبادل المعرفة، والعمل بروح الفريق في الأبحاث الطبية على المستويين، المحلي والدولي، وبقاء الطبيب على اطّلاع دائم على أحدث التطورات في المجال، بخاصة بعد تطبيق الذكاء الاصطناعي في تشخيص بعض الأمراض.

وكيف يتم تطبيق الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأمراض؟

يُعدّ تطبيقه باستخدام الأشعة من أبرز التطورات التكنولوجية في الطب الحديث، إذ يمكنه تحليل الصور الطبية مثل الأشعة السينية (X-rays)، التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، والتصوير المقطعي (CT)، بفعالية، كما يتمثل دوره في اكتشاف التغيّرات في الأنسجة، التي قد تشير إلى وجود أورام، أو التهابات، أو كسور عظمية..

وأحد أبرز الأمثلة على ذلك هو استخدامه في تحليل صور الماموغرام (Mammogram) للكشف المبكر عن سرطان الثدي، ما يساعد على تحديد حجم وموقع الورم بدقّة، كما يُستخدم في تحليل صور الرنين المغناطيسي للكشف عن أمراض الجهاز العصبي، مثل الزهايمر، والسكتات الدماغية، ما يُسهم في التشخيص المبكر، ووضع خطط علاجية أكثر فعالية.

ما أكثر ما افتقدته خلال تواجدك خارج أرض الوطن، والشيء الذي زاد حنينك إليه؟

أكثر ما افتقدتُه العائلة، وتحديداً تجمّعاتها في الأعياد والمناسبات، إلى جانب لمّة الصديقات اللاتي يمثلن جزءاً كبيراً من حياتي اليومية، وهو شيء يصعب إيجاده في الغربة، فضلاً عن نمط الحياة المختلف كلياً، بين كندا والإمارات، فالوطن حبّه في دمائنا، ويظلّ هو أجمل بقاع الأرض.

شاركت في ورش عمل القيادة والابتكار في الصحة، فما الإضافة التي حققتها لك هذه الفعاليات؟

أضافت إليّ كثيراً من الأسس التي أسير عليها، فمن خلال مشاركاتي أدركت أن القيادة الفعّالة تكمن في القدرة على العمل المشترك، والتواصل الجيد بين الفرق الطبية والإدارة، وأن الاستماع إلى مختلف وجهات النظر شيء مهم، حيث يمكن أن يأتي الابتكار من أصغر التفاصيل، أو من شخص لديه منظور مختلف، إلى جانب أن العمل الجماعي، وتعزيز بيئة يشجعان على التعاون، والإبداع يسهم بشكل كبير في تحقيق التغيير الإيجابي المطلوب.

أبحاثي تعزّز دقة تشخيص الأمراض وتحسّن جودة الرعاية الصحية

حصلت على جوائز عدة في البحث العلمي في مجال الأمراض السرطانية، أخبرينا عن الاكتشافات التي بموجبها استحققت التكريم؟

الأبحاث العلمية جزء مهم من مسيرتي المهنية، فقد أتيحت لي الفرصة للتركيز على مجال الأمراض السرطانية، فأحد الأبحاث التي أفتخر تناول دور أشعة الرنين المغناطيسي في اكتشاف سرطان البروستات، فمن خلال هذا البحث قمنا بتسليط الضوء على أهمية استخدامه كأداة دقيقة للكشف المبكر، ما يساعد على تقليل الحاجة للإجراءات الجراحية غير الضرورية.

بحث آخر ركّز على دقة أخذ الخزعات باستخدام توجيه كل من الموجات فوق الصوتية (الألترا ساوند)، والرنين المغناطيسي، لتحديد الخلايا السرطانية في البروستات، وأظهرت النتائج كيف أن الدمج بين التقنيتين يمكن أن يعزز الدقة التشخيصية، ويقلّل من مخاطر أخذ الخزعات غير المجدية.

إضافة إلى ذلك، قمت بإجراء بحث حول الأمراض النادرة التي تصيب البروستات، لدراسة خصائصها، وأساليب التشخيص، والعلاج المناسب، كما أجريت أبحاثاً حول أمراض المبيض، بما في ذلك دراسة حالات سرطان المبايض، وحالات التوائها، فهذه الأبحاث، والكثير غيرها، هي جزء من جهودي المستمرة لتقديم إسهامات ملموسة في المجال الطبي، والمساهمة في تعزيز دقة التشخيص، وتحسين جودة الرعاية الصحية للمرضى.

د. رباب المنصوري: الأشعة التشخيصية تساعد على الكشف المبكر عن العديد من الأمراض بدون تدخل جراحي

حصلت على مرتبة الشرف في ماجستير إدارة الرعاية الصحية، وأيضاً شهادة في التعليم الطبي، فكيف تستخدمين ذلك في عملك اليومي؟

من خلال ماجستير إدارة الرعاية الصحية، تمكنت من تطوير مهاراتي في القيادة الاستراتيجية، ما يساعدني على تنظيم العمل بكفاءة، واتخاذ قرارات مدروسة تضمن تحسين جودة الرعاية المقدمة للمرضى.

أما بالنسبة إلى شهادة التعليم الطبي، فقد ساعدتني على تقديم المحتوى العلمي بطريقة مبتكرة، ومبسطة، سواء عند تدريب الأطباء المقيمين، أو تقديم محاضرات لزملائي في المجال، وهذه المهارات تفيدني يومياً، في تبسيط المفاهيم الطبية المعقدة، وتوجيه زملائي ومساعدتهم على فهم أحدث التطورات في المجال الطبي.

ومن دون شك، أضافت هذه الشهادات بُعداً جديداً لدوري كطبيبة، وأصبحت أكثر قدرة على المساهمة في تطوير نظام الرعاية الصحية، والمشاركة في بناء كوادر طبية متميزة.

أثبتت الطبيبة الإماراتية مكانتها في القطاع الصحي، فهل ما وصلت إليه كافٍ، أم ستظل تفاجئنا بمزيد من التقدم من وجهة نظرك؟

الطبيبة الإماراتية مجتهدة، وطموحة بطبيعتها، والمجال الصحي في تطور مستمر، ما يتطلب مواصلة التعلّم، والبحث، والابتكار لمواكبة التغيّرات، فمن دون شك ما زالت هناك الكثير من الفرص التي قد تُسهم في تعزيز الريادة الإماراتية بقيادة طبيبات الوطن على الصعيدين، المحلي والدولي.

حدثينا عن أسرتك والدعم الذي تقدمه لك..

أسرتي هي الداعم الأكبر في مسيرتي، الشخصية والمهنية، فقد نشأت في بيئة تحفز على الطموح والعلم، ما جعل فترة تواجدي بفي الخارج للتزوّد بالعلم والتدريب الطبي مرحلة ليست صعبة، إذ كانت اتصالات أفراد أسرتي اليومية، ورسائلهم المشجعة لي، تشعرني دائماً بأنني لست وحيدة، وأن هناك من ينتظر نجاحي بفخر، فكان لهذا الدعم المستمر بالغ الأثر في زيادة ثقتي بنفسي، وإصراري على التقدم.

بعيداً عن المجال الطبي، هل لك هوايات تهتمين بها وتحرصين على إشباعها؟

بكل تأكيد، فكل واحد منّا لديه هواية، أو أكثر، قد ينجح في اكتشافها، وقد يعيش ويموت وهو لا يشعر بوجودها، فأنا أحب السفر للاطلاع على ثقافات الآخرين، وتعلّم لغات جديدة، ولديّ شغف بالقراءة والرسم، كما أمارس الرياضة لتأثيرها الكبير في الصحة النفسية، والجسدية.

ما الذي تتمنينه وتطمحين إلى الوصول إليه؟

أتمنّى أن أساهم بشكل فعّال، في تطوير القطاع الصحي في الإمارات، بشكل عام، وفي تحسين برامج الفحص لتشخيص الأمراض السرطانية، بشكل خاص، وأطمح إلى أن أكون متميزة في عملي، وأن أوفر الرعاية ذات الجودة العالية للمرضى، وأن أكون مصدر إلهام ودعم للآخرين.

* تصوير: محمد السماني ومن المصدر

 

مقالات ذات صلة