17 أكتوبر 2024

من سينما زمان.. فيلم I AM CUBA إنجاز بصري مذهل

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

من سينما زمان.. فيلم I AM CUBA إنجاز بصري مذهل

فيلم اليوم «I AM CUBA»، دراما سياسية| روسيا (1964)، من إخراج ميخائيل كالاتوزوف، وهو واحد من تلك الأفلام الرائعة التي نحتاج إلى نفض الغبار عنها. هو فيلم ذو متعة بصرية مستوحاة من شعر يفغيني يفتوشينكو، ويحتفل على طريقته بكوبا الستينات، أيام الحرب الباردة بين الشرق، والغرب.

من سينما زمان.. فيلم I AM CUBA إنجاز بصري مذهل

قبل سبع سنوات من إنجاز هذا الفيلم، كان مخرجه ميخائيل كالاتوزوف، قد نال سعفة مهرجان كان الذهبية، عن فيلمه الآسر «البجع يطير». بعده جلس مع الشاعر الروسي يفغيني يفتوشينكو ليكتبا سيناريو «أنا كوبا». لكن هذا التعاون كان مثار دهشة، إذ إن الشاعر كان قد انتقد نظام ستالين، وقال «هو مات، لكن الستالينية ما زالت قائمة»، وهو موقف انضم إلى جملة مواقف انتقادية للسلطة الشيوعية على ما كان يحمله آنذاك من مخاطر.

«أنا كوبا» كان نتيجة هذا التكاتف في العمل بين المخرج العامل تحت سقف النظام، مع الشاعر المنتقد له. كانت الفكرة أساساً تحقيق فيلم يؤرخ لسنوات حكم باتيستا، لكن كالاتوزوف لم يكن راغباً في مجرد تحقيق فيلم دعائي لكوبا كاسترو، بل طاف يبحث عن موضوع يخرج عن هذا النطاق، وما لبث أن وجده.

من سينما زمان.. فيلم I AM CUBA إنجاز بصري مذهل

يبدأ «أنا كوبا» بكاميرا فوق مركب في البحر، يمر به مركب آخر فيه طفلان فقيران، مصحوباً بتعليق صوتي يقول: «أنا كوبا... شكراً كولومبوس، عندما شاهدت كوبا أول مرّة كنت أغني وأضحك».

عبارة «أنا كوبا» تعود مراراً وتكراراً. جزء من شعر يفتوشينكو الذي يتردّد طوال الفيلم كاشفاً عن الحالات الاجتماعية التي مرّت بها كوبا قبل الثورة. هي كالراوي، ولو أن هذا لا يعفيها من كونها تحلّ في تكرار ملحوظ ينتمي إلى أسلوب ساد السينما اللاتينية في زمن التقلّبات، السياسية والعسكرية.

من سينما زمان.. فيلم I AM CUBA إنجاز بصري مذهل

على ذلك، الفيلم إنجاز مبهر بصرياً، منذ ذلك التمهيد لما سيَلي، حيث تسير الكاميرا فوق سطح فندق فخم، بين رجال ونساء بملابس السباحة، وتتمايل مع موسيقى جاز. تلحق رجلاً يحمل مشروباً لامرأة تقف وحيدة عند حافة الشرفة تنظر إلى المدينة المزدحمة بالحياة، ثم تتخلى الكاميرا عنها، وتنتقل إلى حيث مصدر الموسيقى.

تعود ثم تهبط إلى الدور التالي من خارج المبنى، بعدما اجتازت حاجز الشرفة، (غالباً بفضل مصعد خُصص للغاية). تستكشف الكاميرا ذلك المكان، ثم تهبط دوراً آخر، حيث يقع مسبح ثانٍ. توالي الكاميرا الانتقال من دور إلى آخر، قبل أن تغطس حيناً، وتعوم حيناً. عند هذا الحد ينتهي هذا الفصل التمهيدي.

ما بعد هذا التمهيد المنتمي إلى سينما تسجيلية- جمالية، يسرد الفيلم خمس حكايات درامية قصيرة، متصلة بخيط الكشف عن الواقع بصورة وصوت شعريّين لذة لمن يدفع.