31 يوليو 2021

د. حسن مدن يكتب: الأجداد والأحفاد

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"، صدرت له مجموعة من الكتب بينها: "ترميم الذاكرة"، "الكتابة بحبر أسود"، "للأشياء أوانها"، "يوميات التلصص".

د. حسن مدن يكتب: الأجداد والأحفاد

ذات زيارة لي لمنزل عائلة أجنبية شابة، قبل سنوات بعيدة، لحضور مناسبة لعلها كانت عيد ميلاد، كان بين الحضور بالإضافة للزوج والزوج وابنتهما، وهي طفلة صغيرة، في حدود العاشرة من عمرها وربما أقل، كانت هناك أم الزوجة.

كانت الطفلة الصغيرة اللطيفة والجميلة، ككل الأطفال، ملازمة لحضن الجدة، حتى وإن قامت منه لتناول شيء سرعان ما تعود إليه، فيما بدت الجدة في غاية السعادة والحبور وهي تضم الحفيدة، وتجيب عن أسئلة بريئة تطرحها عليها، فبدتا لي في غاية التناغم والانسجام، وأذكر أني علقت ما على أشاهده، بعبارة من نوع «ما أجملهما!»، أي الجدة والحفيدة، فعلقت الأم مؤيدة ما أقول «في غالب الأحيان أشعر وأنا أراهما أن الجدة قد أصبحت هي الأخرى طفلة، وأحسدهما على السعادة التي تشعران بها عندما تكونا معاً».

في لهجتنا العامية نقول «ما أغلى من الولد إلا ولد الولد»، حين نريد التعبير عن علاقة الحب والانسجام بين الأجداد والأحفاد، وهذا يؤكد أن ما لاحظته أثناء زيارتي لمنزل تلك العائلة، لا يقتصر على الطفلة والجدة اللتين كانتا هناك، وإنما هي ظاهرة تشمل كل الأجداد والأحفاد في كل الأمم والثقافات.

ومن زار أو عاش في البلدان ذات الطقس شديد البرودة ربما يستوقفه مشهد الجدات، لا الأمهات، وهن يدفعن أمامهن العربات الصغيرة التي يجلس، أو يستلقي، فيها الأطفال، رضعاً كانوا أو غير رضع، في جولات في الشوارع المحاذية للعمارات التي يسكنون فيها، لأن الأمهات غالباً يكن في أعمالهن، أو منصرفات لالتزاماتهن الحياتية، فيما تجد الجدات متعة لا تضاهى في أن يكن مصاحبات للأحفاد ورعايتهم ومصاحبتهم في النزهات.

بالنسبة للعائلات الأوروبية غير الميالة لكثرة الإنجاب، ففي الغالب تكتفي كل عائلة بطفل أو طفلين، حتى أن الحكومات تقدم حوافز للعائلات كي تنجب أكثر من طفل، بدا حدثاً غير مألوف، ومثيراً لاهتمام الصحافة حين رزق جدّ ألماني بكل ما يتمناه أي جد، وهو أن يكون له حفيد، فإذا بالأمر العادي جداً في مجتمعات أخرى، يبدو بالنسبة لوسائل الإعلام، وقد «تجاوز الخيال»، فبناته الثلاث أنجبن له ثلاثة أحفاد في ثلاثة أيام متتالية.

الأخوات الثلاث اللواتي أنجبن الأحفاد الثلاثة أكدن لوسائل الإعلام أن الأمر جاء مجرد صدفة، وأنهن لم يخططن أن يحبلن أو ينجبن في الوقت نفسه، لكن ما كان يشغلهن، وقد أنجبن الأطفال، هو والدهن، والذي وإن بدا سعيداً بالأحفاد الثلاثة، ولكنه كان مرهقاً للغاية في غضون 72 ساعة وهو يتابع أحوال بناته وأطفالهن.

 

مقالات ذات صلة