29 مايو 2022

هل يجب أن نشارك أطفالنا في نقاشاتنا الأسرية؟

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

هل يجب أن نشارك أطفالنا في نقاشاتنا الأسرية؟

لا ينحو البعض من الأهالي إلى إفساح المجال أمام أبنائهم للتعبير عن رأيهم أو المشاركة في نقاش أسري، في وقت يشرّع آخرون أبواب الحوار أمام أبنائهم من دون حدود وحتى يخوضون معهم في مجالات تعتبر «أكبر من سنهم» من باب اعتماد التربية الحديثة المبنية على الانفتاح والرأي الديمقراطي.

بين كليهما، تقف فئة محايدة تشرّع الحوار في حدوده وتشرك أبناءها في نقاشات مدروسة بهدف اختراق عوالم طفلها الداخلية وبالتالي تأسيس لحوار فعال يحاكي مراحله السنية المختلفة وقدراته الحوارية ومهاراته في المشاركة وإبداء الرأي وحتى التعبير عن رأيه مع تبيان مكامن الخلل والصواب.

فهل يجب أن نشارك أطفالنا في نقاشاتنا الأسرية وما حدود هذه المشاركة ومحاورها وما إيجابياتها وسلبياتها؟

لابد من إرساء أسس الحوار والمشاورة بالتدريج والتدريب

هل يجب أن نشارك أطفالنا في نقاشاتنا الأسرية؟

يوضح الدكتور أحمد عيد، أخصائي نفسي ورئيس قسم الإرشاد النفسي في مدرسة المعرفة الدولية، «في حال كان النظام في البيت يتسم بالديمقراطية، تتيح الأم أمام الطفل خيارين للطعام ليختار طبقه المفضل أو زيه المفضل دون محاولة فرض رأيها عليه، وهذه البداية في التنشئة الاجتماعية حيث أعطي طفلي مساحة من المشاركة وتدريبه على الإصغاء، هي الطريق الممهد لإرساء حوار فاعل وإيجابي». فالطفولة هي المرحلة التأسيسية «في سنواته الأولى، أرسّخ الحوار معه على قدر مفاهيمه وقدراته وأزوده بخيارات سواء في الذهاب لحديقة أو قضاء إجازة وأحاول معرفة الدوافع وراء اختياره لأمر ما دون غيره وأدربه على الأخذ والعطاء بحيث لا يمكن أن أنتظر ليكبر وأدعوه فجأة إلى طاولة الحوار لتدريبه».

إذاً، لابد من إرساء أسس الحوار والمشاورة بالتدريج والتدريب «لا أعاقب الطفل عند إبداء رأيه ولو كان ما أورده يخالف بعض القيم التي نشأ عليها، وأعطيه الفرصة للإصغاء ومناقشة رأيه وتعديله. فالعقاب يحد أو يوقف الحوار، في حين الانفتاح على رأي الطفل يعزز الثقة بنفسه ويشعره بأنه طفل مرغوب، بعيداً عن تأطيره في مسميات عيب وحرام وغلط».

وفي السياق نفسه، لا بد أن يكون الهدوء سيد الموقف «ففي حال علا صراخي، يعكس الطفل ردة فعل سلبية، وأضعف شخصيته ليكون إما متمرداً أو عنيداً وخائفاً، وحتى يعمد إلى إقفال أبواب المشاركة في أي نقاش تفادياً للدخول في دوامة من الغضب والصراخ».

يوصي د. عيد بالإصغاء لأبنائنا فالهدف الرئيسي من الحوار هو معرفة طريقة تفكيره والدخول إلى عالمه بهدوء وإعطائه الفرصة لإبداء رأيه والنزول إلى مستواه».

لابد من اختيار مواضيع النقاشات المناسبة لعمر الطفل وتفكيره

هل يجب أن نشارك أطفالنا في نقاشاتنا الأسرية؟

تؤيد شهيرة سامي، أخصائية تعديل سلوك ومديرة مركز «أنا وطفلي» للتدريب وتنمية المواهب والمهارات، مشاركة الأطفال في النقاشات الأسرية ضمن حدود «يجب مراعاة السن والمواضيع التي نشرك فيها الأطفال ومستواهم الفكري وقدرتهم على الاستيعاب، كما يجب على الأب والأم، قبل الشروع بالخطوة، تحديد الهدف من النقاش وما يرغبان بتعليم أبنائهما وإرساء التفاهم، بعيداً عن إشراكهم في الخلافات حيث لا يعد ذلك هدفاً تربوياً».

يتّم تفعيل هذه الأهداف من خلال المناقشة «تعزز المشاركة قدرته على الحوار والتواصل وتكوين شخصيته وتكسبه ثقة في نفسه وتحمل المسؤولية في سن مبكرة، كما تعزز لديه القدرة على اتخاذ القرار وشعوره بالانتماء داخل الأسرة وتقوية العلاقات بين الإخوة والأب والأم، وتنشط قدرته البلاغية وقدرته على التعبير عن رأيه وتعليمه مهارات النقاش ومهارات احترام الدور والإنصات وترتقي بأفكاره، وتكون فرصة لأتدخل في تفسيراته وتحويلها إلى تفسيرات منطقية عبر الدخول إلى عالمه والانتقال إلى عالمي عبر مساعدته على التحليل المنطقي والخروج من عالمه الخيالي».

توضح «كأب، يجب أن أتحلى بالصبر والإنصات وأعلمه مهارات النقاش وأتمتع بها قبله والنقاش معه بصوت منخفض واحترام دوره في الكلام والإصغاء للوصول إلى الهدف المنشود من الحوار، في ظل تبادل الرأي وإشعار الطفل أنه عنصر مسؤول وصاحب قرار بعيداً عن التعليمات والأوامر».

إشراك الطفل في النقاشات يتدرج وفق السن، تشرح سامي «كلما كبر، كلما أسندت إليه مسؤوليات أكبر.في عمرالـ12 وما فوق يمكن أن يسفر النقاش عن إسناد مسؤولية للطفل.فمثلاً نقاش حول المصروف والإدارة المالية، يمكن إشراك أبنائنا في نقاش خطة مستقبلية في هذا الجانب وبلورة كل آراء أفراد الأسرة وإسناد مهام ومسؤوليات لكل منهم وحتى وضع خطة مالية من قبل أحد الأبناء وتدوين المصروفات وهذا ناتج عن تجربة شخصية خضتها وأبنائي ونجحنا في قطف ثمارها».

توجز سامي «كأم وأب، يجب أن أعرف تماماً المواضيع التي يمكن أن أفتح فيها باب النقاش مع الطفل من عدمها ومواكبة المرحلة العمرية وزمنه وعصره وبالأخص في سن المراهقة حيث التغيرات الهرمونية والمشاعر المتقلبة وحيث إن إشراك الطفل في عالمي في هذه المرحلة ليس أمراً سهلاً. فلا بد أن يرسي النقاش وعدم فرض أي رأي عليه ولا يشوبه أي نوع من الحدة والعنف والارتقاء بالحوار عبر إسناد مسؤوليات حقيقية له».

 

مقالات ذات صلة