2 فبراير 2021

ماذا يفعل شارلي شابلن في باكستان؟

مترجم عراقي للغتين الفرنسية والإنجليزية، أمضي أكثر من 25 عامًا في ترجمة وإعداد التحقيقات في كافة المجالات

مترجم عراقي للغتين الفرنسية والإنجليزية، أمضى أكثر من 25 عامًا في ترجمة وإعداد التحقيقات في كافة المجالات

 ماذا يفعل شارلي شابلن في باكستان؟

فقد مصدر رزقه بسبب جائحة "كورونا"، انتزعت الظروف الابتسامة من وجهه، راقب وجوه الآخرين فوجد البعض منها تكاد تشبهه.. ولكنه لم يستسلم. في كل صباح يرى سكان بيشاور، شمال باكستان، الممثل الانجليزي شارلي شابلن في شوارعهم، فلا يصدقون أعينهم. إنهم على حق، فها هو شاب يرتدي ربطة عنق غريبة ويضع فوق رأسه قبعة لاعب بولينغ ويحمل عصا يلوح بها كالمهرجين أمام السيارات والناس، محاولاً بكل خفة ورشاقة تجنب العربات والدراجات والباصات.. كأننا أمام مشهد من فيلم صامت لعشرينيات القرن الماضي.

 ماذا يفعل شارلي شابلن في باكستان؟

هذا الشاب هو عصمان خان، ٢٩ عاماً، الذي كان يعمل بائعاً لألعاب الأطفال على قارعة الطريق، ولكن داهمه فيروس "كورونا"، كما فعل بالملايين غيره، ليسرق منه عمله، فقرر أن يحول نفسه إلى شارلي شابلن بعد قرن من الزمان على نهاية أسطورة الأفلام الصامتة وملك روح الدعابة. عند سؤاله عن سبب ما يفعله، يجيب "مع وقوعنا فريسة كورونا، رأيت الناس من حولي في حالة توتر والبعض منهم استسلم لليأس. وفي أحد الأيام كنت جالساً أشاهد فيديوهات شارلي شابلن، فقلت في نفسي (لم لا أفعل مثل شارلي؟)". 

 ماذا يفعل شارلي شابلن في باكستان؟

وهكذا، سرعان ما وجد خان لنفسه الزي التقليدي لشارلي شابلن، ووضع شوارب مستعارة مع القليل من الكحل، وخرج إلى الشوارع مصحوبا عادة بأصدقائه الذين يصورونه على أمل زرع ولو بعض الفرح في نفوس الناس في هذه الأيام القاسية. زار، مثلاً، قاعة تدريبات رياضية وقطع على لاعبين مباراة كرة الطاولة التي كانا يخوضانها ثم حاول ضرب الكرة بعصاه وجلب على نفسه غضب أصحاب المكان لأنه تسبب بفوضى في المكان وأوشك أن يقع في مشكلة، ولكنه مع ذلك حصد ضحكات الأطفال الذين تجمعوا من حوله بعد أن صعد السلالم في أحد الأحياء. 

شارلي شابلن في باكستان

"جعل الناس يبتسمون من خلال الكوميديا الصامتة، والفوز بقلوب الناس بالكوميديا السوداء.. مهمة صعبة"، يؤكد بابتسامة على وجهه. ففي غضون شهرين فقط حصل على أكثر من ٨٠٠ ألف متابع على منصة التواصل الاجتماعي (تيك توك)، من جميع أنحاء العالم، حيث وجدوا أن الكوميديا التي يقدمها استراحة ظريفة وسط الوباء والإقفال والتباعد الاجتماعي. 

شارلي شابلن الباكستاني

يأمل خان أن ينتبه أليه أيضا منتجو الأفلام والتلفاز، ويقول إنه إذا ما أصبح غنياً سيتقاسم ثروته مع الفقراء. فما يفعله خان مجرد هروب من واقع عائلته الغارقة في الفقر، مثلما كانت الحال مع شارلي شابلن الحقيقي قبل أن يحقق الشهرة في هوليوود. فاللف والدوران في الشوارع لبيع لعب الأطفال لا يؤمن له نفقاته اليومية الضرورية، "عندما أغادر منزلي، أغلق الباب على مشاكلي الخاصة وأسعى لمنح الآخرين السعادة ".

 

مقالات ذات صلة