13 سبتمبر 2020

د. باسمة يونس تكتب: أسرة من نوع آخر

كاتبة إماراتية، دكتوراه في القيادة التربوية. أصدرت (10) مجموعة قصصية، (4) روايات،(12) نص مسرحي وعدة أعمال درامية وإذاعية .حاصلة على أكثر من( 22 ) جائزة في مجالات الرواية والقصة والمسرحية

د. باسمة يونس تكتب: أسرة من نوع آخر

مع نهاية كل فترة زمنية يعمل أساتذة وعلماء الاجتماع على مراجعة حوادث ومستجدات تلك الفترة ودراستها، وكتابة تقارير حول التوقعات المستقبلية التي تبنى على نتائجها ومدى تأثير مستجداتها في الفترة القادمة حول ما سيبقى أو ما سيزول من العالم وتأثيراته. 
والتوقع المقصود هنا هو التكهن بما يمكن أو لا يمكن حدوثه في المستقبل ويبنى على البيانات والمعلومات التي يتم تجميعها حول الموضوع. ورغم ذلك ستبقى مجرد محاولات غير مؤكدة ولا مضمونة لتخمين نتائج الماضي على الحاضر والمستقبل .
 وفي دراسة اجتماعية قدمتها العالمة بيبر شوارتز وهي عالمة اجتماع أمريكية تدرس في جامعة واشنطن في ولاية سياتل بالولايات المتحدة ولديها عدة مؤلفات في المجلات والمواقع الإلكترونية حول العديد من المواضيع الاجتماعية، تكهنت الدراسة بالتغييرات الاجتماعية الصادمة والتي ستحدث مستقبلاً بالتركيز على التغييرات التي ستحدث على الأسرة وآلية تكوينها والأدوار الموزعة على كل فرد من أفرادها وتأثير الغلاء المعيشي المتوقع فيها. 
وأشارت الدراسة إلى التغييرات العظيمة التي تحدث حالياً في نظرة المجتمع للفرق بين الرجل والمرأة وكيف يعمل رجال أكثر جنباً إلى جنب مع النساء وهذا يعني ازدياد تناوب الاثنان مستقبلاً في رعاية المنزل والأسرة وسيكون الاعتماد الأكبر على من سيكون منصبه أعلى وراتبه أكبر من الآخر بعد إلغاء المفاهيم والفروق السابقة والتي كانت تمنح الذكور الأولوية في العمل والمنصب والراتب. 

أما العمل عن بعد والذي أسهم الطارئ الصحي العالمي في فرضه وتنظيمه وفي الكشف عن محاسنه في كثير من الأعمال، فهو الذي سيبقى سائداً مع تحديثات تتعلق بمزيد من التغييرات والتي ستجعله نمط العمل الرئيسي وتلغي بالمقابل الكثير من أنماط العمل السابقة. 

وستزداد فرص تبني أو طرق إنجاب الأطفال مثل تأجير الأرحام، ليس فقط للنساء المصابات بالعقم ولكن للنساء المنشغلات واللواتي يحتللن مواقع عالية في المجتمع أو الوظائف ويرغبن في الحصول على أسرة ولكن بآلية مختلفة ستخضع لتحديثات العصر وآلياته التي فرضت على الإنسان! 

وستقلل الاختبارات الجينية التي يعمل عليها العلماء اليوم من أخطار ولادة أطفال يعانون إعاقات جسدية أو عقلية، فهذه الاختبارات ستصبح أكثر دقة وسيؤدي الربط الجيني إلى تصحيح معظم العيوب الخلقية، وستقل عمليات الإجهاض بسبب تطور وسائل منع الحمل التي ستصبح مضمونة أكثر.

إن ما يثير الخوف لا يتعلق بصدق التوقعات أو تصديقها ولكن بأن تتجه معظم التجارب والآليات المبتكرة إلى ممارسات مقلقة ستقنع المجتمعات بزوال الأسرة الطبيعية وتحولها إلى أسرة مصنوعة يختار فيها الآباء الإجهاض على إبقاء الجنين إن كانت التقارير تشير إلى أنه لا يرتقي إلى المعايير المجتمعية الجديدة وصفات الكمال المحدثة، وستزداد حالات الطلاق وتوزيع الثروات بعد أن يصبح الحصول على مسكن للأسرة الواحدة أكثر صعوبة وسوف تسهم الإعانات الحكومية المقدمة للإنجاب في رفع عدد أطفال أسر الفقراء كما ستدعم محاولات إطالة العمر زواج الأفراد من الجنسين أكثر من ثلاث مرات في حياتهم.