09 نوفمبر 2020

أهم أساليب التربية الحديثة في بناء شخصية الطفل

محررة في مجلة كل الأسرة

أهم أساليب التربية الحديثة في بناء شخصية الطفل

«الطفل هو مرآة الأم وهو يعكس شخصيتها في التعامل مع البيئة الخارجية»، تلك العبارة كفيلة بتحفيز تفكير الأمهات على بلورة علاقة سليمة مع أطفالهن بأساليب تربوية حديثة تواكب الاحتياجات النفسية والاجتماعية وتلبي داخل الأبناء رغبة التعبير بحرية عن هواجسهم مع الالتزام بقواعد وطرق التعامل السليم مع المحيط والآخرين، وضمن منظومة الأخلاق والقيم المجتمعية. 

فهذه العبارة لم تكن عابرة في ورشة العمل التي قدمتها أميرة عبدالله، المستشار النفسي – السلوكي واختصاصي علم النفس التربوي وتعديل السلوك وتنمية المهارات وصعوبات التعلم للأطفال.

الورشة تمحورت حول «أهم أساليب التربية الحديثة في بناء شخصية الطفل» بتنظيم من مؤسسة رواد الأعمال للاستشارات الإدارية والتطوير بالتعاون مع مكتبة دبا الحصن العامة، وهدفت إلى التعريف بمفهوم التربية الحديثة وأنواع الأساليب الحديثة في بناء شخصية الطفل.

أهم أساليب التربية الحديثة في بناء شخصية الطفل:

أولاً: عدم استخدام العنف 

via GIPHY

تتطرق عبدالله إلى ضرورة إيلاء الاهتمام بشخصية الطفل والفروقات الفردية بين طفل وآخر، كما اتباع أسلوب تربوي بعيد عن العنف ضد الطفل والذي تتنوع أشكاله من صراخ، تهديد، ضرب، إهانة، شتيمة في وقت تكون الأم خارجة عن إرادتها وفي ظل ضغوط تتعرض لها. 
توضح عبدالله «رغم غريزة الأمومة التي تتسم بالعاطفة والحنان، إلا أن ضغوط الأم لتوفير متطلبات الأبناء (بالأخص لدى الأسر التي تتكون من عدد أبناء كبير) ومتابعة شؤون المنزل وحتى العمل وغيرها من الالتزامات قد يدفعها إلى تعنيف الطفل الذي لا ذنب له أن يرى «الوجه الآخر» من الأم». 
مسؤولية الأم أن توفر البيئة النفسية السليمة في زمن مختلف عما نشأنا عليه، تقول المستشارة النفسية، موضحة أن «آثار العنف تولد طفلاً يعاني مشكلات في الشخصية ورواسب نفسية، انعزالية، خوفاً من التعبير عن نفسه (الفتاة تكبر على خوف النقاش مع الزوج تجنباً لتعرضها للضرب) كما يبدأ الطفل بالتعبير عن رأيه بسلبية ويخفي أخطاءه لعدم قدرته على تصحيحها ولعدم معاقبته».

ترصد عبدالله آثار الضرب حيث «يصل الطفل لعمر ما فوق العشر سنوات ويكون ذا شخصية عنيدة وعنيفة وحادة في التعامل، ولذلك نوصي بعدم الضرب تماماً الذي يقود الطفل إلى رؤية سودواية عن نفسه، ما يجعله يتفنن بإزعاج الأم ومضايقتها وإغضابها ويفرح بذلك، كما يبدأ بكره نفسه ويزود نفسه بكلمات سلبية». 
وفي هذا السياق، تورد عبدالله ملاحظة مهمة «لا ينفع اتباع أسلوب واحد مع أطفالي. لكل طفل أسلوبه تبعاً لشخصيته، طبيعته وتبعاً للفروقات الفردية بين كل طفل وآخر وحاجاته النفسية والاجتماعية»

ثانيًا: النقاش بـ «ثبات انفعالي»

via GIPHY

من الضروري على الأم فتح باب النقاش «ففي حال اعترف الطفل بخطئه، يجب أن تناقشه الأم بطريقة سليمة وثبات انفعالي ويحاولان معاً تصحيح الخطأ. وفي هذه الحالة، لن يتكرر الخطأ بشكل نافر كالسابق. فالطفل الذي يعاقب بشدة يعود لممارسة السلوك نفسه بشكل مضاعف كردة فعل على الأم، أو لا يعاود القيام بالسلوك مرة أخرى أو قد يمارس السلوك بالخفاء عن الأم وبعد أن يفقد الثقة بها ويرغب بالانطلاق «خارج جناحيها» ليتصرف كما يشاء». 

ثالثًا: استخدام بدائل العقاب 

via GIPHY

ولكن ما بدائل العقاب؟

تورد عبدالله الكثير من بدائل العقاب التي تغفل عنها الأم في ظل الضغوط ومنها:

  • أتقبل الطفل بكل محاسنه ومساوئه: لكل منا عيوبه وأخطاؤه. فلا يجدي أن أنفعل على الدوام على الخطأ نفسه وأن أبدأ بالصراخ عليه وشتمه بكلمات سلبية. يجب أن أعبر عن حبي لطفلي مع البدء بتعديل السلوك كون سلوك الطفل قابلاً للتعلم.
  • أتجاهل الخطأ الصادر عن الطفل فور وقوعه وأعطيه وقتاً: لا يجدي مثلاً أن أضرب الطفل فور كسره لكأس زجاجي بل أعمد إلى تحميله المسؤولية ولملمة آثار الزجاج تحت إشرافي وتنبيهه لعدم تعرضه للأذى، وبعد مرور بعض الوقت أستفسر منه عن السبب وإذا كان السبب هو الغضب، يجب أن أفتح معه باب الحوار وأفهم السبب وأتفهمه وأردف بالقول بحب «لا تفعل ذلك ثانية لكي أحبك أكثر». ومن الجدير بالملاحظة أن تعديل السلوك يحتاج من 3 إلى 4 أشهر.
  • استخدام أسلوب المكافآت: لتخفيض معدل السلوكيات غير الصحيحة، يجب أن أرصد رغبات الطفل وأعمد إلى حرمانه من بعض تلك الرغبات المحببة له لأن العقاب بالحرمان قد يؤتي بنتيجة ولكن يجب اعتماده تبعاً لآلية محددة، حيث أواجهه بفعله وأطلب تبريره وأبين وجهة نظري، وبكل هدوء وبعيداً عن الانفعال أعلن عن حرمانه من هواية ما أو لعبة ما. وعندما يعترف بخطئه ويعتذر، يمكن التخلي عن عقوبة الحرمان مع الطلب منه عدم تكرار الخطأ وبأسلوب هادئ.
  • ضرورة الابتعاد عن الصراخ والشتم والإهانة وحتى توجيه نظرة التأنيب والترهيب للطفل واستخدام اليدين للتهديد، كون هذا الأسلوب نفسه قد يلجأ الطفل، في سن المراهقة وما بعدها، إلى اعتماده مع الأم إذ يتماهى مع ما تشربه من أسلوب تربية الأم خلال مرحلة الطفولة.
  • استخدام الحوار وترك مساحة للطفل ليستطيع اتخاذ القرار ولكي لا تكون الأم صاحبة القرار في كل شيء «يجب أن تستقطع الأم من وقتها لكل طفل على حدة وتجلس لتتكلم معه، بعيداً عن وجود الهواتف والتقنيات الحديثة، بثقة وحب وهدوء انفعالي. كلما كانت الأم قدوة حسنة لأطفالها، كلما كان الطريق سهلاً لزرع القيم والمفاهيم الصحيحة لدى الطفل مع الابتعاد عن كل المشكلات النفسية والزوجية والمهنية أو الاقتصادية للأم».
  • استخدام أسلوب التحفيز عبر دعم الطفل وتحفيزه بكلمات مدح وثقة بالنفس لأنها المفتاح لفتح شخصية الطفل والتعامل معه من خلال البيئة التي نعيش فيها، حيث توجهه الأم بطريقة سليمة دون توبيخه أمام الغرباء.
  • التربية على مبادئ الدين وغرس الأخلاق الحسنة ومنها الحب، المودة، الرحمة، الصدق والتعاون: يجب أن أكون كأم صادقة مع أطفالي وأتعامل باحترام في علاقتي مع زوجي ومع أهلي لأكون لأطفالي القدوة الحسنة.
  • التربية بالحب: فالقبلات والأحضان وإظهار الحب في التعامل، كلها عوامل تولد طفلاً ببنية نفسية سليمة، قادراً على التعبير عن نفسه بثقة. ولا بد من تزويد الطفل بكلمات عاطفية وإيجابية كأن نقول له «أنت أهم هدية في حياتي»، كما يجب أن نقرن حبنا بقبلة أو حضن، والأحضان هي أهم فعل بالنسبة للأطفال.
  • تجنب الثناء المستمر: ليس مطلوباً أن أمدح الطفل بطريقة مبالغ فيها، بل على السلوك الصحيح وضمن سياق محدد لكي لا يصبح الطفل مغروراً ومتفاخراً بنفسه إلى حد غير سليم.
  • الإيمان بإمكانات طفلك: كل طفل لديه فروقات فردية ويجب عدم المقارنة بين طفل وآخر لكي أدرك كيفية توظيف قدرات ومهارات طفلي في مكانها الصحيح وفي البيئة السليمة وإبعاده عن الإحباط والسلبية.
  • إعطاء الطفل فرصة لتكوين شخصيته: أعطي الطفل فرصة لاختيار ملابسه، اختيار طعامه ولو تحت إشراف الأم، كما أزوده بالخيارات المتاحة وأترك له حرية التعبير عن نفسه ورغباته.
  • وضع قواعد وحدود واضحة: لا يجدي كسر القوانين التي أضعها حيث يحتاج الطفل إلى مسار معين يسير وفقه. كأم، يجب تنظيم جدول للمضي به نحو تطوير الطفل من نفسه والدخول في مرحلة نمو سليمة منها جدول النوم وغيره من الالتزامات، مع منع الإلكترونيات داخل غرفة نومه كما تعليمه مبادئ النظافة الشخصية وغيرها.
  • منح الأطفال فرصة عيش طفولتهم: اترك الطفل يفرح، يلعب، يمزح ويعيش طفولته بكل مشاعرها، يبكي ويعبر ويرتكب الأخطاء ويحاول تصحيحها.