25 فبراير 2021

د. باسمة يونس تكتب: عقوبة حجب الحب

كاتبة إماراتية، دكتوراه في القيادة التربوية. أصدرت (10) مجموعة قصصية، (4) روايات،(12) نص مسرحي وعدة أعمال درامية وإذاعية .حاصلة على أكثر من( 22 ) جائزة في مجالات الرواية والقصة والمسرحية

د. باسمة يونس  تكتب: عقوبة حجب الحب
شويكار وابنتها

وضعت القوانين العالمية لحماية الأطفال من الأذى الجسدي والعاطفي الذي يتسبب به أزواج الأمهات أو زوجات الآباء على وجه الخصوص مثل «قانون وديمة» الإماراتي وهو واحد من أبرز وأهم القوانين لحماية جميع حقوق الطفل الذي يعيش على أرض الإمارات و«قانون سندريلا» الإنجليزي الذي يحمي الأطفال في إنجلترا.

وتعتبر الإساءة العاطفية من الوالدين تجاه أبنائهم جريمة جنائية في معظم القوانين بل وتفوق القسوة الجسدية. فالآباء الذين يتجاهلون أطفالهم عمداً، أو يعرضونهم لمشاهد مؤلمة مثل العنف الزوجي أو يحجبون عنهم مشاعر الحب والحنان لفترات طويلة يتسببون لهم بأمراض نفسية عميقة تؤثر على الأطفال سلباً وتحرمهم من العيش حياة سليمة وخالية من الأوجاع.

ودأبت الدراما والقصص على تصوير زوجات الأب أو أزواج الأمهات بالقساة والأشرار الذين لا يترددون في معاملة الأطفال من زواج سابق أسوأ معاملة، لكنها ترددت في إبراز واقع ما يقوم به كثير من الآباء البيولوجيين تجاه أبنائهم، فهناك غالبية عظمى مقصرة تجاههم، مثل عدم إظهار حبهم لهم وعدم التعاطف معهم بأي شكل والإساءة لهم بنوع آخر من الإهمال العاطفي وهو تفضيل طفل على آخر. ويتعمد معظم الآباء تفضيل أحد الأطفال بسبب موهبة تميزه ما يجعله طفل العائلة الأثير، فيؤدي إلى إهمال الآخرين وتجاهلهم. وتستحق المعاناة الشديدة التي يشعر بها هؤلاء الأطفال المهملون عاطفياً معاقبة الآباء، فالتجاهل إساءة وآلامه مستمرة ولا تنقضي بانقضاء السبب أحياناً بل تؤثر في مستقبل وحياة الطفل لنهاية العمر.

وقد لا يخلو الواقع من قصص وحكايات تظهر وحشية الآباء تجاه الأبناء الذين ولدوا من زواج سابق، لكنه يتضمن قصصاً إنسانية، تعيد الثقة بمن شذوا عن تلك القاعدة، فلم يحملوا مشاعر زوجة أب أو زوج أم بل لا يفرقون بين كونه طفلهم البيولوجي أو ابناً من زواج سابق.
واشتهر الفنان الكوميدي الراحل فؤاد المهندس بعلاقة فريدة مع ابنة زوجته الممثلة الراحلة شويكار التي كانت قد ترملت في سن الثامنة عشرة ولديها طفلة صغيرة لم تهنأ بعطف وحب الأب البيولوجي في حياتها. وأصبحت ابنة شويكار ابنة لفؤاد المهندس يعاملها مثل ولديه اللذين أنجبهما من شويكار إلى درجة نسيانه أنها ابنة زوجته من زوجها المتوفي.

وكانت ابنة شويكار التي تخرجت في الثانوية العامة ترغب في الالتحاق بكلية الإعلام، لكن مجموعها الذي يقل درجة ونصف عن المجموع الذي يسمح لها بدخول هذه الكلية منعها من تحقيق أمنيتها. وكان الفنان فؤاد المهندس الذي يعمل وقتها موظفاً في الجامعة يستحق بحسب القانون الحصول على استثناء يسمح لأبناء الموظفين ممن تقل درجاتهم عن الخمس درجات الالتحاق بالكلية التي يرغبون بها. وذهب المهندس إلى رئيس الجامعة يطلب ذلك الاستثناء لابنته وحصل على موافقة الرئيس فوراً. لكن رئيس الجامعة تراجع لاحقاً بعد اكتشافه بأن اسم الابنة في الشهادة يحرمها مما للمهندس من حقوق. وتأثر الفنان الراحل تأثراً شديداً فهو قد نسي تماماً بأنها ابنة زوجته وليست ابنته، وقرر تغيير اسمها في شهادة الميلاد ليلحقها باسمه، لكن الفنانة الراحلة شويكار رفضت ذلك الأمر رفضاً قاطعاً حرصاً على مشاعر عائلة الأب المتوفي واحتراماً لصلة لم تنقطع بينهم بعد وفاته.