12 ديسمبر 2021

د. هدى محيو تكتب: هل الأطفال قساة القلوب؟

أستاذة وباحثة جامعية

أستاذة وباحثة جامعية

د. هدى محيو تكتب: هل الأطفال قساة القلوب؟

بين الفينة والأخرى نقرأ خبرًا عن طفل أقدم على الانتحار بعد تعرضه الدائم للتنمّر من قبل رفاقه في المدرسة لكن ما لا نقرؤه هو تردد الكثير من الأطفال في الذهاب إلى المدرسة بسبب التنمّر الذي يتعرضون له.

فهل الأطفال الذين اتفق على وصفهم بالبراءة هم في الحقيقة قساة القلوب؟

يمكن طرح هذا السؤال منذ الأشهر الأولى من حياة الطفل حيث نراه يصرخ ويضرب ويشد الشعر وبعد بلوغه عامه الأول يستخدم العنف ليختبر محيطه، ثم بين السنة الثانية والثالثة نرى نوبات الغضب العظيمة التي غالبًا ما تنتج عن إدراكه لحدوده ولجوئه إلى العدائية للاستيلاء على لعبة الرفيق أو جذب انتباه الكبار إلخ.

مفاد القول إن قسوة الصغير في هذه السن هي تعبير مباشر عن شعور أو وسيلة للتعرف إلى العالم حيث «أنا أولاً» هي قاعدته الوحيدة، علمًا أن نوعًا من حس العدالة والأخلاق يبدأ بالظهور منذ السنة الأولى ولكنه لا يستطيع أن يتغلب على حس المصلحة الشخصية.

هذا يعني أن صغار الأطفال ليسوا قساة، بل أنانيون، هم لا يرغبون في التسبب بالألم بل يرغبون في الاستحواذ على ما يريدونه، سواء أكان لعبة ما أو حب أهلهم لهم حصرًا دون الشقيق الأصغر الذي جاءهم مؤخرًا.

لكن الأمور تتغير في حوالي سن السابعة لنجد بعض الأطفال يمارسون نوعًا من القسوة المقصودة، ليس من أجل الدفاع عن الذات، بل بهدف إذلال الآخر وتعذيبه. هؤلاء الأطفال يسخرون من رفاقهم ويهددونهم أو يعزلونهم وهذا هو التنمّر بحد ذاته.

وقد نتساءل عن هوية هؤلاء الأطفال القساة ولماذا هم على هذه الحال؟

قساة القلب من الأطفال موجودون في جميع الأوساط الاجتماعية وما يجمعهم هو فشل من قاموا ويقومون بتربيتهم. على الأهل أن يشجعوا الطفل، وفي سن مبكرة، على تبني سلوك إيجابي من خلال إدانة سلوكه السلبي أو العنيف، فالطفل يتأقلم وردود فعل الكبار بمجرد أن يبلغ سنته الأولى.

وقد لوحظ أن صغار الأطفال الأكثر عدائية في الحضانات هم أولئك الذين يعاملهم أهلهم بتساهل شديد وتراخٍ، أو يكونون تارة متساهلين وتارة صارمين معهم.

كما لوحظ أن الأطفال الذين تساء معاملتهم في المنزل يميلون بدورهم إلى التصرف بقسوة ووحشية لا مبرر لهما.

إذا ما أحسنت قياد الطفل في سن مبكرة، يدرك مضار القسوة وضرورة المشاركة عندما يبلغ سن السابعة. أما قبلها فهو لا يتصرف بمحبة عندما يتعلق الأمر بمصلحته إلا بأمر من أهله. وردًا عن السؤال المطروح في البداية نقول إن الطفل في سنواته الأولى لا قاسي القلب ولا طيبه، فقلبه بانتظار ما سيصنعه أهله منه.

 

مقالات ذات صلة