15 مارس 2022

كل الأسرة تستطلع الآراء: ما دور الأم في حياتكم ومدى ارتباطكم بها؟

محررة في مجلة كل الأسرة

كل الأسرة تستطلع الآراء: ما دور الأم في حياتكم ومدى ارتباطكم بها؟

لا يختلف اثنان أن الأم هي الحب الأول، مصدر العطف والحنان، وهي من تسهر وترعى، لا يتوقف عطاؤها مهما بلغ الأبناء من العمر لتبقى هي الدرع الحامية والضوء الذي ينير دروبهم والملجأ وسط عتمة الخوف والتيه.

في يوم الأم سألنا البعض لنتعرف إلى دور الأم في حياتهم ومدى الارتباط الذي يجمعهم بها ثم استعرضنا رأي المختصين في الشؤون الأسرية وتطوير الذات لنتلمس أدوارها في جميع مراحل حياة الأبناء:

كل الأسرة تستطلع الآراء: ما دور الأم في حياتكم ومدى ارتباطكم بها؟

ترصد الكاتبة نجيبة الرفاعي أهمية وجود الأم ودورها «قيمتها ومكانتها كبيرة، مهما تحدثنا عنها لن نتمكن من وفائها حقها، فهي مصدر الحب الذي لا يمكن أن يعرف أي شخص عظمته قبل أن ينضج ويدرك مكانتها العظيمة»، تصف الرفاعي علاقتها بوالدتها «اعتادت أن تستشيرني وتوكل لي الكثير من الأمور، كوني الكبرى اتسمت علاقتنا ببعض الخصوصية، تشاركني القرارات المهمة، جلسات خاصة نقضيها سويةً تكون فيها صديقتي أحياناً وطفلة تحتاج مني الرعاية والاهتمام في أوقات أخرى».

علمتني أمي العطاء ومساعدة الآخرين و التميز و ألا أتنازل عن حقي

كما تتحدث الرفاعي عن دور والدتها في حياتها «اكتسبت منها الكثير من المعاني، علمتني العطاء ومساعدة الآخرين، التميز، ألا أتنازل عن حقي، ولا يظهر مني أي تصرف يسيء لسمعتي ومكانتي، مصدر قوتي وإلهامي في لحظات الضعف والخوف، تمنحني القوة والصبر، تجدد داخلي ثقتي بنفسي وتقوي علاقتي مع الله».

تستهجن الرفاعي سلوكيات الأجيال الحدثية في كيفية تعاملهم مع الأم، تقول «لا أريد أن أكون متشائمة، لكن للأسف اختفى عند البعض «بر الوالدين» فلم يعد يجد الوالدان من الأبناء الحوار والحرص والاهتمام ولم يعد يدرك الجيل الجديد قيمة الأم والأب لتقتصر العلاقات عند الواجبات بعد أن أخذتهم الحياة ومتطلباتها بعيداً».

كل الأسرة تستطلع الآراء: ما دور الأم في حياتكم ومدى ارتباطكم بها؟

النظر لوجه أمي يزيح عني هموم الحياة، لو أزدت أن أتكلم أحتاج لشاعر يسطر كتاباً ليبدع في وصفها

فيما يعبر عيسى مراد الرئيسي عن حنان والدته «إلى هذه اللحظة أشعر باهتمام أمي في معرفة جميع تفاصيل حياتي (وين كنت، وين رايح، اهتم بنفسك)، لا زالت تعاملني كطفل بحاجة للرعاية لكنها تحرص على أن تشعرني برجولتي أمام الآخرين»، يذكر الرئيسي«لا يمكنني أن أنسى موقف أمي منذ سنوات عندما كانت تعطيني المصروف وتشجعني بعد أن قطعه عني والدي ليجبرني على البحث عن عمل، حنانها وعطفها لم يسمح لها أن ترى ولدها بهذا الموقف، أو عندما تستمر بالاتصال أثناء عودتي من خورفكان حتى أبوظبي بعد أن أذهب لزيارتها في عطلة نهاية الأسبوع».

يعبر الرئيسي عن حبه لوالدته «أخاف أن أظلمها إن وصفتها»، ولكنه يصف مشاعره «النظر لوجه أمي يزيح عني هموم الحياة، لو أزدت أن أتكلم أحتاج لشاعر يسطر كتاباً ليبدع في وصفها».

كل الأسرة تستطلع الآراء: ما دور الأم في حياتكم ومدى ارتباطكم بها؟

وجود الأم لا يمكن أن يقدر بثمن، ولا يمكن أن يعوض وجودها أي شيء في العالم

يقول عمار محمد عدرا «لن أنسى الجهد الذي بذلته أمي في تربيتنا أنا وأخي التوأم، حرصت على أن ننشأ بطريقة صحيحة، ألا نكون أبناء تقليديين، سهرت على راحتنا ومنحتنا الحنان».

يصف عدرا علاقته بأمه «ارتباطي الروحي بها جعلها بالنسبة لي أكثر من أم، أشعر بها دون أن تتكلم»، يكمل «التحرر مع المراقبة غير المعلنة مع التوجيه وضرورة التزام الحذر من الرفاق والأصدقاء.. هو ما عشته في فترة المراهقة، أرادت أن تكون لنا شخصياتنا وعلاقات اجتماعية ناجحة، صريحين نحظى باحترام الآخرين».

يبين عدرا مدى تأثير غياب الأم وأهمية دورها «في جميع مراحل العمر دور الأم مقدس، التقيت بها بعد فراق خمسة أعوام شعرت بأهمية وجودها في حياتي، خاصةً أنني عشت سنوات طويلة لوحدي أدركت فيها أن وجود الأم لا يمكن أن يقدر بثمن، ولا يمكن أن يعوض وجودها أي شيء في العالم، هي أسمى شيء في الوجود، مصدر العطف والحنان».

كل الأسرة تستطلع الآراء: ما دور الأم في حياتكم ومدى ارتباطكم بها؟

الحالة الصحية والنفسية للأم التي تتشكل قبل الزواج لها أثرها على تربية الطفل

توضح المستشار الأسري والمدرب المعتمد ميساء الشحادات، دور الأم كمنبع للحب والأمان لأبنائها في جميع مراحل حياتهم «الأم هي المدرسة الأولى في حياة الطفل لذا كرمها الله سبحانه وتعالى وجعل منزلتها وبرها أعلى وأسمى من جميع الارتباطات الاجتماعية الأخرى لما لها من دور عظيم في إعداد وتنشئة أجيال المستقبل وبناء الإنسان.

فعلى عاتق الأم تقع أكبر المسؤوليات في إعداد الطفل وتوجيهه فهو منذ ولادته ملتصق بها، وهي بحكم عاطفة الأمومة تمنحه مشاعر الدفء والحنان وتسعى لتلبية كافة احتياجاته المادية والنفسية، وقد تمر من خلال مراحل التربية بالعديد من المواقف فنجدها تنجح ببعضها ولربما تتعثر ببعضها الآخر فتواجه الكثير من المصاعب والتحديات.

وعلى الرغم من أن تربية الأطفال مسؤولية مشتركة بين الأم والأب، إلا أن الأم تضطلع بالنصيب الأوفر من هذه المسؤولية التي تبدأ قبل ميلاد الطفل، بل تتجاوز ذلك إلى ما قبل الزواج، فالحالة الصحية والنفسية للأم التي تتشكل قبل الزواج لها أثرها على تربية الطفل، وكذلك مستوى ثقافة الأم المتصل بجانب الأمومة وتربية الأطفال».

ما الذي يجب أن تقدمه الأم لأبنائها؟

توضح الشحادات «جميع الخبرات التي يتعرض لها الطفل خلال الأشهر والسنوات الأولى من عمره يكون لها أكبر الأثر في نفسه، تلبية احتياجاته وتفهم مشاعره وتقبله والقدوة الحسنة أسس قوية لبناء علاقة ناجحة مع الطفل بعيداً عن الإهمال والدلال والتسلط بل مبنية على التفهم والحزم يتم من خلالها نقل القيم والمبادئ والمهارات اللازمة والمتوقع منه من خلالها وتعديل السلوكيات غير المقبولة ورسم القوانين الضرورية لضبط هذه السلوكيات.

وأهم ما يمكن أن تقدمه الأم لأبنائها في مرحلة المراهقة، هو تفهم طبيعة المرحلة والاطلاع على التغيرات التي تطرأ عليهم، وتقبلهم وتلبية احتياجاته من الاحترام والاستقلالية وعدم كسر خصوصيتهم ومحاولة كسبهم دائماً بالحوار الهادئ وإشعاره بالأمان والدعم، فالأم هي صمام الأمان للمراهق وإن أشعرها أنه كبر عن ذلك وأنه قادر على تجاوز أموره بنفسه، لكن وجودها الدائم جانبها وتقبله لها وإشعاره بالحب غير المشروط هي مفاتيح مهمة للحفاظ على علاقة تجذب المراهق إلى حضن العائلة المتفهمة يبث لها همومه ومخاوفه ويجد فيها احتياجه».

تختم المستشارة الأسرية «حسن العلاقة بين الأبناء والأم هو وسيلة التواصل الآمنة مع الأبناء لتقديم النصح لكل ما يلتبس عليهم من صعاب الأمور، فكثيرة هي المواقف التي يحتاج فيها الأبناء الى ذلك القلب الذي يتقبل دون مصالح ويعطي بلا مقابل ليشعروا بدفء المشاعر وسط قسوة الظروف والتحديات».

كل الأسرة تستطلع الآراء: ما دور الأم في حياتكم ومدى ارتباطكم بها؟

كيف اختلفت الأساليب التربوية للأمهات بين القديم والحديث؟

تكشف الدكتورة ولاء الشحي، مدربة معتمدة وكاتبة في الوعي الذاتي، أن «خلف جميع النجاحات التي يشهدها المجتمع امرأة سهرت وتعبت، أعطت ولا يمكن أن نقول «ضحت»، فالتضحية قرار اتخذته بإرادتها».

تشير الشحي لاختلاف الأساليب التربوية للأمهات بين القديم والحديث وتتحدث هنا عن نشأتها «نشأت على الكثير من الأشياء الجميلة، إلا أن هناك أشياء لم تناسب الوعي والإدراك الذي وصلت له، الأم هي الصديقة الصدوقة، تعلمت منها معنى الشجاعة والعطاء، أن أشارك وأتكلم بحرية من دون خوف أو وجل».

تأسف الشحي «البعض يربي أبناءه على الخوف ويضع بينه وبين أبنائه حاجز التعنيف والترهيب، لا نريد علاقة مثالية أو كاملة لأننا معرضون لضغوط وظروف مختلفة، من الجميل أن نكون أصدقاء لأبنائنا نبني فيهم الشخصية الشجاعة ليصلوا لمرحلة المراهقة».

تبين أهمية أن تجيد الأم التعامل مع الأبناء في جميع مراحل تكوينهم بالتثقيف والتعلم، فما يعيشه المراهق من تخبط بين الإحساس بأنه طفل والرغبة بأن يعامل كالبالغين ترتبك لديه القيم ويصبح عرضة للاستغلال بسبب عدم امتلاكه الخبرة الكافية».

تذكر الشحي «علينا كأمهات وأباء أن نذكر أبناءنا أن يضعوا الله أمام أعينهم، أن تكون القيم والأخلاق والمبادئ أسساً مهمة في تربيتنا لهم ليتمكنوا من مواجهة الصعوبات والتحديات، أن نترك لهم مساحة من الحرية الكافية، أن نهتم ببناء شخصياتهم بأن نكون مصدر قوة لهم لا مصدر ضعف».

تبعث الشحي رسالة لكل أم «أحبي نفسك وامنحيها الاهتمام الكافي، حبك لها سيجعلك تحبين أبناءك، حياتك، عملك، سيجعلك تشعين كالشمس، أنتِ محور الأسرة ومحور المجتمع وما دون ذلك كواكب تدور حولك، حافظي على توازنك وكوني مرنة وتجاوزي عن صغار الأمور، استمري بالعطاء بتوازن لتتمكني من تحقيق التفوق والنجاح».