04 نوفمبر 2020

كيف نتعامل مع غراميات أولادنا في سن المراهقة؟

محررة متعاونة

كيف نتعامل مع غراميات أولادنا في سن المراهقة؟
صورة من مسلسل "Elite"

ماذا لو قال لك ابنك المراهق «أنا بحب».. كيف ترد؟ وما هو الرد المناسب؟ وكيف نتعامل مع هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها أولادنا جميعاً وبلا استثناء في مرحلة المراهقة بل وقد تبدأ مبكراً فيما يسمى بمرحلة المراهقة المبكرة؟

حب المراهقين يعتبر كابوساً مزعجاً في حياة الآباء والأمهات خوفاً على أولادهم، يقفون في حيرة أمام هذا الموقف، بل أحياناً يقابلون الأمر بكثير من الشك والتوبيخ والعقاب والتضييق.. ولكن هل هذا هو الحل المناسب؟ وهل سنستطيع محاصرتهم ووضعهم تحت النظر والمراقبة يومياً وطوال الـ 24 ساعة؟ ومن يضمن لنا أن المراقبة المشددة لن تقودنا إلى المزيد من التمرد؟

طرحت «كل الأسرة» قضية الحب الأول و«غراميات» فترة المراهقة في حياة الأبناء على عدد من أساتذة الطب النفسي والعلاقات الأسرية والتربوية وسألتهم: كيف نعالج مشكلة الحب الزائف في فترة المراهقة؟ وكيف نبني علاقة صداقة مع أولادنا بالمفهوم الصحيح؟ 

١- يجب التعامل مع المراهق بالكثير من الهدوء والحكمة 

via GIPHY

في البداية تؤكد الدكتورة زينب مهدي، استشاري الطب النفسي ومدربة تعديل السلوك بالقاهرة، أنه يجب علينا كآباء وأمهات أبناء وبنات في مرحلة المراهقة أن نقرأ ونتعلم في مجال تربية المراهقين خاصة المشاكل العاطفية فهذه مسؤوليتنا الجديدة، فأبناؤنا قد كبروا ويحتاجون منا اهتماماً من نوع مختلف.
وتقول «تجربة الحب الزائف في فترات المراهقة، والتي قد تبدأ مبكراً عندما تتحرك مشاعر الأطفال قبل سن العاشرة فيما يعرف بمرحلة المراهقة المبكرة، كثيراً ما تتكرر وتحدث للأبناء في هذه المرحلة العمرية، فمنذ أن يبدأ الطفل في مرحلة المراهقة يشعر أن قلبه يدق للمرات الأولى في حياته، مثلاً ناحية زميلته في المدرسة أو النادي أو قريبته أو جارته». ولذلك تحذر الدكتورة زينب مهدي تماماً من العنف مع الأبناء كرد فعل للعلاقات العاطفية التي يقع فيها أولادهم، وتبين «مفهوم الصداقة ليس أن نجعل الطفل ينادي علي باسمي، مثلما تفعل بعض الأمهات، بل الصداقة هي وجود مساحة من الاحترام المتبادل بين الأبناء والآباء والأمهات وأن تكون هناك علاقة فضفضة (أسمع ابني باهتمام) كما يسمعه أصدقاؤه، ولا أفشي أسراره للآخرين حتى وإن كان للأب، بل والأهم أن نقدم لهم حلولاً منطقية ترضيهم لمشكلاتهم، ووقتها لن يلجأوا للآخرين». وتضيف «المراهق في هذا العمر يشعر أنه يعيش تجربة حب حقيقية لدرجة أنه بالفعل يعيش نفس مشاعر حب الكبار، وهي أول مشاعر حب رومانسية وعاطفية يحس بها الإنسان». 

وترى استشارية الصحة النفسية أنه في البداية يجب أن نتعامل مع الأمر بالكثير من الهدوء والحكمة وعدم الاستهزاء به ونستمع إليه باهتمام كبير، كما أننا من المتوقع أن نواجه بالكثير من الانفعالات منهم.. فلنتعامل مع الأمر بلا انزعاج، ويجب أن نشرح للطفل بالأمثلة فأقول له مثلاً (بابا أحبني وأنا عمري كذا وبعدها تمت الخطوبة ثم تزوجنا) وهذا كان في السن المناسب لنا، وأوضح له أن هذه المشاعر طبيعية وواردة في المرحلة العمرية التي يمر بها وأبدأ أتحدث معه عن المرحلة النفسية التي يمر بها، لأن المراهق في الأغلب لا يستطيع التعامل مع نفسه إذا لم يحصل على التوعية اللازمة». وتلفت د. زينب مهدي إلى أنه يجب على الأم أو الأب الذي يشعر بمشاعر حب المراهقة لدى أولاده أن يجعل هذه العلاقة أمام عينه لأن أولادنا قد ينساقون في انجذاب جسدي جنسي وقد لا تحمد عواقبه وهذه هي المصيبة الكبرى.

2- تقييم المشكلة على أنها أزمة احتياج للحب ولكن تحتاج لتوجيه سليم

via GIPHY

ومن جانبه يرى الدكتور حاتم زاهر، استشاري طب نفس الأطفال والإرشاد الأسري، أن هذه المشاعر طبيعية جدا، فأولادنا في هذه المرحلة العمرية يحتاجون للحب لأنه من أكثر الاحتياجات الأساسية للإنسان حسب هرم «ماسلو» للاحتياجات الأساسية، إذ يأتي الحب قبل الاحتياجات الجسدية. إذاً الحب في ذاته احتياج وليس عيباً، ويؤكد «علينا تقييم المشكلة على أنها أزمة احتياج للحب ولكن تحتاج لتوجيه سليم لمشاعر بريئة، تحتاج إلى رعاية في مراحلها الوليدة، فلنتعامل مع مصارحة أولادنا بشيء من الهدوء والتفاهم والاستيعاب، نشجعهم على مزيد من الصراحة لأن المشكلة أعمق بكثير من مجرد حالة حب». 
ويشدد د. حاتم زاهر على ضرورة أن نتناقش مع أولادنا المراهقين حول هذا الحب ونتحدث عن مشاعرهم باحترام دون تجريح حتى لا ينفروا للأبد، ونتحدث مع البنت مثلاً عن فارس الأحلام وما صفاته ونتحدث معها حول مبادئ الالتزام الديني تدريجياً وفطرتها السليمة ستجعلها تتمنى رجلاً يحترم رب العالمين، وعلى الأم أن تظهر لها احتراماً لمشاعرها وتنصحها بالبعد عن هذا الشاب لأن هذه العلاقة ليست في التوقيت المناسب والطريقة المناسبة وابدئي معها رحلة التعلم عن طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمع من خلال تعاليم الدين الإسلامي. وعلى الأم أيضا أن تتحدث مع ابنتها عن صفات الرجل المناسب للزواج، وبالتأكيد لن يكون في سن المراهقة ولن يبدأ علاقته بفتاة ثم يتركها وهو لا يدري ما مستقبله.

3- اختيار التوقيت المناسب للحديث مع أولادنا وبناتنا في هذه الأمور

via GIPHY

أما الدكتورة ياسمين المهدي، استشاري التربية الإيجابية بالقاهرة، فترى هي الأخرى ضرورة أن نتعامل مع هذه المرحلة بحكمة وحذر شديدين جداً، من أجل أن نضمن بقاء أولادنا بالقرب منا ولا تتسع الفجوة بيننا وبينهم، وحتى نحتفظ بمساحة الفضفضة الموجودة بيننا ونزيدها فلا نفاجئهم برد فعل عنيف وغير متوقع فيبتعدوا عنا خاصة إذا كنا في مجتمع منفتح، ويجب علينا تعليمهم كيف يتعاملون جيداً مع الجنس الآخر من الآن وحتى يكبروا، وخاصة من سن 12 فما فوق، إذ علينا أن نبقى قريبين منهم جداً سواء إناثاً أو ذكوراً.

وتنصح ياسمين مهدي الآباء والأمهات باختيار التوقيت المناسب للحديث مع أولادنا وبناتنا في هذه الأمور، فيجب أن نترك هذه الأحاديث لأوقات «الروقان» لأنها أكثر الأوقات التي يمكن أن يكون لدى الأبناء فيها الاستعداد لاستقبال النصائح، ويجب ألا يخلو الحديث من الضحك والمزاح وإعطاء الأمثلة والحكايات التي يفهم منها الابن أو البنت الرسائل المطلوبة من بين السطور.. فالطريقة يجب أن تكون جيدة وفيها هدوء وحب، وقد لا تؤثر من أول جلسة أو حوار بينكم لكن تأثيرها سيكون كبير مع التكرار على المدى القريب والبعيد.

وتشدد استشارية التربية على أهمية الاستماع الجيد لنبني مع أولادنا رحلة الصداقة والمحبة المتبادلة المطلوبة في هذه المرحلة وما بعدها، والإنصات يجب أن يكون دون أحكام مسبقة أو مقاطعة، فلننصت بجدية تشعرهم بالطمأنينة والقبول والاحترام، ولنجعل بيننا أوقات خاصة، مثل التسوق الذي تحبه الفتيات في هذا السن، ومشاركة الابن مثلا الذهاب إلى النادي أو لعب أو رياضة والاستمتاع معه بها على فترات متقاربة. وتضيف «يجب أيضاً أن نبني علاقات طبية مع أصدقاء وصديقات أولادنا ولا نشعرهم أنهم مراقبون طوال الوقت ولا نتدخل كثيراً في حياتهم، لأن هذا السن يحب الشعور بالنضج ويعبر عن ذلك بفرض طوق من الخصوصية حول حياته. لنعطهم حريتهم في بعض الأمور دون تعليق ولنعاقب وقت اللزوم، لكن في أغلب الأوقات نعاتب عتاب رقيق ونسامحهم عندما يعتذرون و إياكم إياكم من توبيخهم أو التحدث عن مشاعرهم أمام الأقارب أو الأهل أو أصدقائهم».