11 أغسطس 2024

إنعام كجه جي تكتب: حضانة الأولمبياد

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

إنعام كجه جي تكتب: حضانة الأولمبياد
حضانة القرية الأولمبية في باريس

للمرة الأولى في تاريخ الدورات الأولمبية، حرص المنظمون على توفير حضانة للأطفال داخل القرية التي يقيم فيها الرياضيون والرياضيات.

كان بينهم أبطال متزوجون من بطلات وقد جاؤوا بأبنائهم معهم، وشاهدنا عائلات كاملة تجلس في مدرجات الجمهور وتشجع الأب في مسابقاته أو الأم في نزالاتها، بل إننا رأينا بطلة مبارزة مصرية خاضت المنافسة وهي حامل في شهرها السابع. وقد دافع مدربها الفرنسي عنها بالقول إن الحمل ليس مرضاً!

شخصياً، أفرح حين أجد رياضية اقتربت من الأربعين وما زالت تخوض سباقات الدراجات في المرتفعات والطرقات الوعرة، يقول المعلق على المباراة إنها حازت ميدالية ذهبية في دورة كذا ثم ابتعدت لكي تلد وتربي صغارها وها هي تعود لتستأنف مسيرتها وتنال ميدالية جديدة ذهبية.

هل النساء الرياضيات هن من طينة غير طينة بقية الأمهات؟ لماذا نتصور أن البطولات لابد وأن تحرمهن من الأمومة؟ هناك من يتساءل كيف تهتم الرياضية بطفلها ومهنتها تفرض عليها ساعات طويلة من التمارين؟

الجواب هو أن ساعات التدريب هي ذاتها ساعات عمل الطبيبات ورئيسات الشركات والإعلاميات والمهندسات المعماريات والممرضات والنادلات والمضيفات الجويات وعشرات الوظائف الأخرى، ولو كنتُ من اللواتي يرتدين القبعات لرفعتُ قبعتي تحية لكل واحدة منهن.

أتفرج على تقرير مصور عن حضانة القرية الأولمبية ويلفت نظري أنها ممولة من شركة «بامبرز» الشهيرة لحفاضات الأطفال، هل هناك أم عصرية لم تسمع بهذا الاسم؟

وتقول أستريد جيار، الأمينة العامة للجنة الأولمبية الفرنسية: إن رياضيات كثيرات كن يترددن في السفر والمشاركة في البطولات لأنهن أمهات لمواليد في سن صغيرة ولا يرغبن في الابتعاد عن أطفالهن، وقد جاء قرار توفير الحضانة بناء على طلبات كثيرة من بطلات يحرصن على وجود أبنائهن وبناتهن بقربهن خلال أيام البطولة.

إنعام كجه جي تكتب: حضانة الأولمبياد
إليسون فيليكس

من اللواتي عملن على تحقيق هذا الإنجاز بطلة الجري الأمريكية إليسون فيليكس، صاحبة الميداليات الأكثر عدداً في تاريخ الألعاب، لقد اعتزلت البطولات لصعوبة الجمع بين الركض في البيت والركض في الملاعب..

كان منظمو أولمبياد طوكيو قد أثاروا ضجة عام 2021 حين منعوا حضور عائلات الرياضيين، لكن اعتراضات اللاعبات وتهديدهن بمقاطعة الدورة جعلتهم يتراجعون عن قرارهم.

تستقبل الحضانة الأطفال من التاسعة صباحاً حتى التاسعة مساءً، وهناك ناقلات تربط على مدار النهار ما بين موقعها ومساكن الرياضيين وأماكن استراحتهم، في هذا تسهيل لمهمة الرياضيات المرضعات..

كما تم حجز غرف في فندق قريب لاستقبال الصغار الذين ترافقهم مربيات خصوصيات، وذلك حين تكون الأم مشغولة بتحقيق النصر لبلدها وعزف نشيده الوطني ورفع رايته في الملاعب، وحتى في أولمبياد ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة ستتمكن الرياضيات الأمهات استقبال صغارهن مرتين يومياً في القرية الأولمبية.

في بداية هذا العام، كان إيمانويل ماكرون يتفقد استعدادات رياضيي بلاده قبل الأولمبياد حين اقتربت منه بطلة الجودو الفرنسية كلاريس أجبنينو وهمست في أذنه: «نريد حضانة لأطفالنا يا سيدي الرئيس».