26 أغسطس 2020

د. حسن مدن يكتب: هل أطال النوم عمراً؟

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"، صدرت له مجموعة من الكتب بينها: "ترميم الذاكرة"، "الكتابة بحبر أسود"، "للأشياء أوانها"، "يوميات التلصص".

د. حسن مدن يكتب: هل أطال النوم عمراً؟

يوصف الأشخاص الميالين إلى السهر حتى ساعة متأخرة من الليل بـ«الكائنات الليلية»، وقد يبلغ الأمر ببعضهم حد السهر حتى الصباح، فيصبح ليلهم نهاراً ونهارهم ليلاً، لأنهم يفضلون سكون الليل وهدوءه، للانصراف نحو اهتمامات يحبونها، كمشاهدة الأفلام والمسلسلات، أو الاستماع إلى الموسيقى، أو قراءة الكتب.

كثير من الأدباء يقولون إنهم يفضلون الليل للكتابة، ففيه تصحو أذهانهم، وقرائحهم تتفتح، وكتب أحد الشعراء مرة يقول: «إن قصيدة الليل تكتب من القلب إلى القلوب، أما ما يكتب في النهار فهو أشبه بالتقارير اليومية؛ مجرد سرد إنشائي خالٍ من الخيال والصور والنغمات التي تأخذ الألباب».

ليس الكل يوافق على هذا الرأي، فآخرون يرون الرأي النقيض، فيخلدون إلى النوم مبكراً في الليل، كي يصحوا نشطين، وقد نالت أجسامهم ما تحتاجه من راحة، وينسب إلى جبران خليل جبران قوله: «الدنيا ملك لمن يستيقظ باكراً»، كأنه يعني أن من يصحون متأخرين يفقدون الكثير من متع الحياة، ويفرطون في أوقات ثمينة للعطاء.

ولعل سلامة موسى هو القائل ما مفاده إن الإفراط في عدد ساعات النوم هو هدر للوقت، ومن رأيه أن نحرص على أن نعطي الجسم حقه من الراحة بالضروري فقط من الساعات، لأن ما يزيد هو بمثابة تقصير لأعمارنا، لأننا في النوم أشبه بالموتى، على خلاف ما يراه عمر الخيام في أغنية أم كلثوم: «ما أطال النوم عمراً، ولا قصر في الأعمار طول السهر».

لكن بما أن جل الأعمال في النهار، فإن مكابرة من يعدون أنفسهم «ليليين» بالسهر كما يشتهون، تجعلهم يذهبون لأعمالهم وهم في أمزجة سيئة، وأجساد مرهقة، والقاعدة بطبيعة الحال هي أن النهار للعمل والليل للنوم والراحة. وتقول الآية القرآنية الكريمة: (وجعلنا نومكم سباتًا، وجعلنا الليل لباسًا، وجعلنا النهار معاشًا).
إلى ذلك فإن العلم يرى أن الاستيقاظ المبكر يمنح الإنسان مقادير من السعادة لا تتاح لمن يفضلون النوم حتى ساعة متأخرة من النهار. وحسب دراسة أورد نتائجها أحد المواقع الإلكترونية فإن الأشخاص، الذين يخلدون للنوم باكراً ويستيقظون عند الساعة السادسة صباحاً أو قبل يقل لديهم خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 25 %.
وعن أخصائية نفسانية أسترالية ينقل الموقع نصيحة بالاستيقاظ مبكراً 30 دقيقة على الأقل قبل وقت الاستيقاظ المعتاد مثلاً للذهاب إلى العمل أو إنجاز الواجبات اليومية، وذلك من أجل القيام بـ«شيء ممتع مثل ممارسة الرياضة، التأمل أو فقط الجلوس بهدوء والاستمتاع بكأس من الشاي في الخارج يحسن المزاج طوال اليوم».

 

مقالات ذات صلة