8 أكتوبر 2020

قصة الفيلم الذي توقع وباء كورونا

ناقد ومؤرخ سينمائي

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

قصة الفيلم الذي توقع وباء كورونا

من بين كل الأفلام التي تناولت موضوع وباء ينتشر حول كوكبنا المهدد، لن نجد أكثر من «عدوى» (Contagion) إمعاناً في ربط التفاصيل العلمية باحتمالات انتشار وباء عالمي ينهش في حياة البشر ويحول الحياة على الأرض إلى بؤرة من الخطر المحدق.

ذلك لأن الأفلام الخيالية- العلمية في هذا الشأن، وأفلام الرعب المرتبطة بفكرة انتشار وباء يحول البشر إلى قتلة ومتوحشين، تعاملت مع الفكرة العامة التي تنطلق من انتشار وباء ما ليصيب الناس ويخلق حالة من الرعب. لا شيء يذكر عن تفاصيل الوباء ولا عن واقعية الأحداث وصدق نماذجها الشخصية.

فيلم ستيفن سودربيرغ «عدوى» يختلف بمقدار شاسع. هو أولاً ليس فيلم رعب من تلك التي تسودها وحوش بشرية وآكلو لحوم بشر، وليس فيلماً عن وباء هبط من السماء، بل عن وباء ناتج عن مخلوقات حية ينتشر بيننا كما يفعل وباء «كورونا» حالياً. وثانياً، يعتمد بشدة على التفاصيل العلمية التي صيغت في هذا الفيلم الذي يعود إنتاجه إلى سنة 2011. في أحد المشاهد، على سبيل المثال، نرى الطبيبة جنيفر إيل تحقن نفسها بعلاج محتمل. هذا المشهد تم تصويره مرتين بعدما طلب المخرج أحد العلماء لمشاهدة الفيلم للتأكد من واقعيته فأوصى العالم بأن الأطباء يحقنون أنفسهم على نحو مختلف عن حقنهم المواطنين.

فيلم Contagion - كل الأسرة أفلام

بداية، نجد غوينيث بولترو في دور امرأة متزوجة، اسمها بث، نتعرف إليها وهي تحتفل مع صديقات وأصدقاء لها في أحد «البارات» في هونغ كونغ في طريق عودتها إلى شيكاغو. يصور المخرج (وهو من صور الفيلم بنفسه تحت اسم بيتر أندروز) لقطات لما تلمسه وسواها من الناس. في شيكاغو تقابل صديقاً قديماً لها لكنها وقبل أن تصعد الطائرة التي ستعود بها إلى سان فرانسيسكو حيث تعيش مع زوجها (مات دامون) تسقط أرضاً وهي تسعل بشدة وتخور قواها ما يستدعي نقلها إلى المستشفى حيث تفارق الحياة.
هذه مجرد بداية للفيلم، لكن حتى هذه البداية ليست مروية في خط واحد. سودربيرغ، كان أم أسلوب سرد أحداث مختلفة وشخصيات عدة في وقت واحد، وعلى نحو من خطوط تلتقي وتتوازى حسب رغبته. هنا لا يختلف الأمر إلا من حيث زيادة عدد الشخصيات وكثرة الأحداث. لتأمين وصول الفيلم مع تعدد شخصياته وعلى نحو واضح يعمد إلى تزيينه بأرقام الأيام التي تحتلها حكاياته. يبدأ من اليوم الأول ومع نهايته، بعد 105 دقائق، يختم بـ135 يوماً. خلالها يكون قد مر على تسع شخصيات أساسية وعدد لا يحصى من الشخصيات المحيطة بها.

يوجه سودربيرغ اهتماماً خاصًا ليسرد حكاية ميتش، زوج بث، الذي يكتشف أن زوجته زارت عشيقها السابق قبل موتها. يضعه ذلك في أزمة عاطفية صعبة يمكن قراءتها بمشهد أو اثنين صامتين. ابنه بالتبني يسقط صريع المرض بدوره. ها هو ميتش لم يعد لديه من هم سوى ابنته المراهقة جوري (آنا هيرون) التي يكاد الفيلم يختم عليها وهي تراقص صديقها في يوم عيد ميلادها.
لكن كثرة هذه الأسماء اللامعة في مجال التمثيل (دامون، بولترو، فيشبورن، وينسلت وسواهم) لا تميع ما نراه ولا تسطو على العمل كما قد يتوقع البعض. هذا لأن سودربيرغ يحولهم إلى أجزاء من الحكاية ولا يسرد أياً من شخصياته على نحو متخصص أو منفصل.
بما سبق، يمكن ملاحظة أن معظم الشخصيات الماثلة والفاعلة هي شخصيات إيجابية ومعظمها من الأطباء والعلماء. في المقابل، شخصيتان سلبيتان فقط. الزوجة الخائنة بث وصحافي انتهازي يقتطع لنفسه كعكة كبيرة من الأزمة مستغلاً إياها ليجني ثروة كبيرة، هو الصحافي (جود لو)، بمعزل عن الحقيقة.

الفيديو الترويجي لفيلم"Contagion"


هل شاهت فيلم (Contagion) ؟

 

مقالات ذات صلة