يطرح فيلم «قانون الديناميكا الحرارية»، أسئلة عن مدى أهمية تعلم الفيزياء أو الرياضيات وعن علاقة هذه المواد العلمية بحياتنا اليومية. ويناقش أكاديميون من كليات العلوم في الجامعات الدولية ضمن مشاهد في السيناريو هذا القانون الذي يفسر دور الديناميكا الحرارية في معالجة العلاقات الكائنة بين الحرارة وغيرها من أشكال الطاقة، أو كيفية تحول الطاقة الحرارية بين الأشكال المختلفة للطاقة وتأثيرها في المادة.
وهذا الفيلم الإسباني القصير الحاصل على جائزة جويا لأفضل سيناريو في 2018 تعتمد قصته غير المألوفة بمزيج من التوثيق والحكاية على القوانين الفيزيائية الأساسية، والتي يحاول أحد العلماء ومن خلال بحثه في الدكتوراه إثبات قدرة العلم على مساعدتنا على التفكير في معنى الحياة وعلاقة الإنسان بالطبيعة وتأمل ما يحدث معنا وكيف يحدث وكيف تسير الحياة التي قد تبدو شديدة البساطة بالنسبة للبعض بينما يجدها آخرون معادلة من المعادلات المعقدة المبنية على أنظمة وقوانين لو فهمناها أو على الأقل حاولنا التفاهم معها سنتمكن من التعايش معها بشكل جيد.
ومع صعوبة التفاهم مع الفيزياء كونها من المواد العلمية الصعبة، ومع فشل بطل الفيلم في إثبات نظرياته عند محاولته تطبيقها في حياته العاطفية الخاصة، تبدو الفيزياء في هذا الفيلم ومن خلال حياة ومشاعر طالب الدكتوراه «مانيل» أكثر إنسانية وحميمية مما يمكن توقعه. و«مانيل» المنغمس تماماً في عشق الفيزياء والذي يربط بين دراسته وعمله أستاذاً مساعداً وحياته العاطفية من خلالها، يجعلنا نتفاهم مع هذه المادة العلمية ونفهمها بشكل أكثر سلاسة وتعيدنا للتفكير في موقفنا تجاه الفيزياء والنظر إليها، ليس كمجرد مادة جافة بل يمكن اعتبار قوانينها جزءاً لا يتجزأ مما يحدث لنا ومن مشاعرنا وسلوكياتنا اليومية.
ويحاول «مانيل» في بحثه الجامعي للحصول على درجة الدكتوراه إثبات نظريته عن ارتباط مشاعر الإنسان وسلوكياته العاطفية بقوانين الديناميكا الحرارية بينما يخوض تجربة حب حقيقية مع فتاة وضعتها الأقدار في طريقه بحسابات فيزيائية عميقة التأثير، جعلته يقع في غرامها بدون تفكير، لكنه يفشل في ذلك تماماً. ويعالج هذا الفيلم من خلال قصتين مشاعر الإنسان وعواطفه اللتين تتأثران بتغيرات فيزيائية تجري من حوله وتحدث في كل لحظة وبدون تمهيد. كما يفسر كيف تعتمد الجاذبية العاطفية على قوانين الديناميكية الحرارية والمفاهيم العلمية المتعلقة بالحرارة والطاقة والعشوائية ومبدأ حفظ الطاقة الذي يقول بأن الطاقة لا تفنى ولا يمكن استحداثها من العدم ولكن يمكن تحويلها من صورة إلى صورة أخرى.
وعلى الرغم من صعوبة تطويع المادة العلمية في قصة يسهل التفاهم معها وتقبلها ببساطة، نجح الفيلم في الربط بين الفن والعلم بدون السماح بالتنازل عن قيمة أحدهما مقابل الآخر، وتم المزج بين آراء الأكاديميين من علماء الفيزياء وتعليقاتهم على أطروحاتهم العلمية الجادة عن القوانين الفيزيائية وتأثر انتقال الطاقة أثناء التغيرات التي تحدث بسببها وبين المشاهد المتداخلة بطريقة تبين لنا فكرة الارتباط بين التغيرات في العلاقات الإنسانية ومفاهيم الحرارة والطاقة والديناميكا الحرارية.
وكانت قوانين الفيزياء في النهاية سبباً في فتور مشاعر بطلة الفيلم التي تعيش حياتها بعشوائية وبين البطل «مانيل» المنظم جداً والذي تقوم حياته على الترتيب إلى حد الملل.
*الفيلم متاح للمشاهدة على Netflix