د. باسمة يونس تكتب: حياتنا في خمسة أيام

تقول الكتب القديمة إنه وعلى الرغم من أن الجميع يولدون من نفس الوعي لا تتشابه حياتان، وعلى الرغم من تنوع حياتنا، إلا أنها تعتمد على بعضها البعض. وهناك شيء يجب أن نفهمه جيداً وهو أننا جميعاً نطفو مثل الأصداف في محيط شاسع وبأننا مترابطون في النهاية بمصير واحد مهما تنوعت الأسباب واختلفت.

ويقدم أحد مواقع الحكمة الهندية على الإنترنت عرضاً شاملاً للحياة يدعو كل إنسان ليقضي خمسة أيام فقط في أماكن مختلفة، وهي وإن لم تكن مدة طويلة لكنها ستشمل أجزاء مهمة وأساسية في عالمنا، وهذه الأيام الخمسة أهم من التعليم الرسمي في المدارس لأنها تعلمنا الحقيقة، وتجعلنا نتفهم الكثير من الأسباب والتعاطف مع الآخرين أكثر مما ستقوم به الكتب والدروس النظرية.

في اليوم الأول، عليك أن تذهب إلى مزرعة من الصباح الباكر لتشاهد ما يفعله المزارعون هناك طوال اليوم. ستبدأ يومك مبكراً لأنهم يستيقظون مبكراً ويلتزمون بمتابعة دورة حياة المحاصيل، والتي تختلف كل منها عن الأخرى ولها احتياجات لا تتشابه. وستصبح في المساء من ذلك اليوم أكثر إدراكاً ووعياً بالبيئة وتجاه الطعام الذي تأكله ببساطة تامة وتلقي ما فاض عن حاجتك منه، فما ترى ثلثه مهدوراً وملقى بلا اهتمام سيجعلك قضاء يوم كامل في مشاهدة المزارعين يعملون من أجل زراعته وحصده تعرف معنى العمل الجاد ومشاق إنتاج الطعام الذي نأكله وستفكر مرتين قبل أن تهدر ولو أقل القليل منه.

وفي يوم ثان اذهب لقضاء يوم واحد في السجن لتدرك بأن المسجونين فيه والذين نسميهم بالمجرمين قد سجنوا بسبب سيطرة ظروف الحياة عليهم ولأنهم لم يتمكنوا من مواجهتها كما يجب مثل الجهل والغضب والخوف. ولو سألت أكثر المجرمين إجراماً عن سبب فعلتهم سيقولون «لا أدري ما حدث، كل شيء حصل في لحظة». وسيتضح لك بأن داخل كل مجرم ضحية تبكي طلباً للمساعدة وهنا ستنشأ الرحمة في قلبك وإذا كنت تكن كراهية تجاه أي شخص، فسوف تتلاشى تلك الكراهية على الفور.

أما يومك الثالث فلتكن فيه معلماً في مدرسة لتفهم حاجتنا إلى معلم، وبأن الحياة تتطلب دائماً الكثير من المساعدة والإرشاد. وقد تكتشف بأنه ليست هناك مهارة خاصة للبعض ليكونوا معلمين بل الحاجة الأهم هي التعاطف وتعليم الناس كيف يتعاطفون مع بعضهم البعض. وستكون بصفتك معلماً راغباً في أن يتقدم تلاميذك في الحياة وهو ما يعلمك معنى الحب غير المشروط في حياتك.

واليوم الرابع اقضه في مصحة عقلية، لأنك لن تأخذ كلام من فيه على محمل الجدية، وهذا سيسهل عليك مواجهة النقد دون خوف أو شعور بالاضطراب، وستحمل مع القوة تعاطفاً كبيراً مع أولئك الذين ينتقدونك بل ستتعلم كيف تتجاهل كل ذلك وكيف تمتلك شجاعة النقد وشجاعة تلقي النقد بدون أن يهزك من الداخل وستبقى مستقراً في حياتك.

وليكن اليوم الخامس يوماً للحكمة تقضيه في مقبرة، ستذكرك بأن الموت حق وبأن هذه التجربة يمكن أن تحدث معك في أية لحظة، فتتلاشى مشاعر إحساسك بالشكوى من كل ما يدور في حياتك أو ممن حولك وستتعلم كيف تغير منظورك للحياة وما تريده منها.