السفر على الأقل مرة واحدة بمفردك، إتقان لغة جديدة، تجربة قصة أو صبغة شعر جريئة، حضور حفل غنائي، القيام بمغامرة تحبس الأنفاس، تعلم هواية جديدة، الحصول على الاستقلال المادي... أمور ينصح بها خبراء الحياة الفتيات ليعشنها قبل بلوغهن الخامسة والعشرين!
فهذه السن تمثل مرحلة جديدة في حياة أي شخص، يطلق عليها مرحلة النضوج والمسؤولية، وقد تتخللها أمور تفرض على المرء التضحية من أجل الآخرين، خصوصاً الفتيات إذ تختلف مشاعرهن كلياً بمجرد دخولهن مرحلة الأمومة.
فما أهمية تلك الأمور بالنسبة للفتيات العشرينيات؟ وهل يجب بالفعل خوض تجارب استقلالية في مرحلة مبكرة من العمر؟ وما إيجابيات وسلبيات الاستقلال المبكر لدى الفتيات؟
قبل سنوات، كانت هناك محاذير كثيرة يجب أن تضعها الفتاة العربية في الاعتبار، تشمل طريقة الجلوس، مستوى الصوت أثناء الحديث، قصة الشعر، حتى أن القهوة كانت من المشروبات غير المستحبة للفتاة في بعض المجتمعات العربية، كما لم يكن يسمح لها بممارسة أفعال أو خوض تجارب قد تعرضها للخطر، فقد يتهمها البعض بالتحرر وهي صفة تحمل العديد من المعاني والتفسيرات آنذاك. لكن اليوم وبعد أن نالت الفتاة مساحة أكبر من الاستقلالية والثقة بالذات، أصبحت أكثر رغبة لخوض تجارب تعزز هذه الاستقلالية، وتضمن لها التمتع بلحظات خاصة قبل انخراطها في الحياة العملية والزوجية، فقد لا تتمكن من خوض مغامرات خطرة، أو قد يصعب عليها السفر بمفردها بوجود زوج وأولاد. كما أن تعلم هوايات جديدة يحتاج إلى وقت لا يتوفر غالباً إلا قبل دخول سن 25، لذلك تحرص الفتيات على إثبات أنفسهن وبالأخص أمام الآخرين من دائرتهن الاجتماعية الأكبر سناً، من خلال الرغبة في التعرف إلى أسهل وأقصر الطرق لإبراز قدراتهن ومهاراتهن ومعالجة أخطائهن ونقاط ضعفهن مبكراً.
وقد استطلعت «كل الأسرة» آراء فتيات عشرينيات حول تلك الأمور التي ينصح بتجربتها في مرحلة الشباب، وحول ما تمكنَّ من تحقيقه، وما يخططن له، والعوامل التي تساعدهن على التجربة، وكذلك الأسباب التي قد تمنعهن من ذلك.
أنا معتادة منذ الصغر على التنقل بمفردي، وفي بعض الأحيان كنت أسافر لألحق أسرتي إلى دولة سبقوني إليها
سافرت نتالي حبيب للمرة الأولى في حياتها وهي في الثالثة عشرة من عمرها، الأمر الذي منحها ثقة بالذات في مرحلة مبكرة، «لقد خضت تجارب قبل سن 25، وهذا من وجهه نظري يعتمد على طبيعة حياة الفتاة، المجتمع الذي نشأت به والظروف الأسرية التي تربت عليها، وأنا منذ الصغر معتادة على التنقل بمفردي، وفي بعض الأحيان كنت أسافر لألحق أسرتي إلى دولة سبقوني إليها بسبب تعارض ظروف عملهم مع دراستي، وهذه التجربة جعلتني أتعرف إلى الحياة بسرعة، وأصبحت مستعدة لأي تجربة مهما كانت صعبة، وهذا يرجع في الأساس لثقة الأهل وتشجيعهم للفتاة في مرحلة مبكرة، فعادة خوف الأهل الزائد عن الحد، يعيق تقدم الفتاة، ويضيع عليها الكثير من الفرص».
قد تعيق طبيعة العمل قدرة الفتاة على ممارسة بعض الأعمال بسبب ضيق الوقت وكثرة الأعباء
فكرة سفر الفتاة بمفردها، أو حضور حفل غنائي أو قص شعرها بطريقة جريئة قد لا يكون مقبولاً
لفتت هدوب يونس إلى طبيعة المجتمع الذي تعيش فيه الفتاة وإمكانية الاستقلال المبكر فيه، «قد تكون التجارب سهلة ويمكن خوضها كافة في كثير من الدول الأجنبية، ولكن في بعض المجتمعات العربية قد يتم رفضها، خاصة في المناطق والأحياء الصغيرة، حيث الناس يعرفون بعضهم بعضاً، وفكرة سفر الفتاة بمفردها، أو حضور حفل غنائي أو قص شعرها بطريقة جريئة قد لا يكون مقبولاً، أما بالنسبة لتطوير الشخصية وتعلم الهوايات واللغات فلا مانع منها. وشخصياً، ساعدتني إقامتي في دولة الإمارات على الاعتماد على ذاتي وخوض كل التجارب من دون تردد، فهنا أسلوب الحياة مختلف، ويمتاز بالخصوصية والأمان، ولا يوجد من ينتقد أو يرفض أي سلوك تمارسه الفتاة بشكل عام، وذلك على عكس ما حدث معي عندما كنت في وطني، وقررت العمل كمضيفة جوية، وقوبلت بالرفض والانتقاد الشديد، كوني فتاة وسأعمل في مجال يجبرني على البقاء خارج المنزل لفترات طويلة».
حول إقبال الفتيات على كتب التنمية البشرية وتطوير الشخصية، يقول الناشر زياد إبراهيم، «طبيعة كتب تطوير الذات والمهارات كانت تستهدف خلال العقد الماضي الفئات العمرية فوق 25 أو 30 عاماً وتركز بشكل كبير على تحفيز مهاراتهم الوظيفية والحياتية أو إعادة ترتيب أولوياتهم وحياتهم بشكل عام، لكن خلال العقد الأخير ومع تزايد رواد الأعمال الشباب وظهور نماذج لشباب ناجحين وقادرين على إبراز نجاحهم للمجتمع سواء في مشاريع أو تطوير أفكار وابتكارات، غيّر الكثير من الكتّاب والمتخصصين في مجالات التنمية البشرية وتطوير الذات توجهاتهم فركزوا على الفئات الشابة التي باتت الأكثر ظهوراً على الساحة».
ويتابع «لاحظت دور النشر هذا الأمر وشجعته بعد نقاش مع الكتاب المتخصصين في المجالات، وأضحت أغلب الكتب المتخصصة في هذا المجال تستهدف الشباب خاصة الفتيات في الفئات العمرية الحديثة من طالبات الجامعات وحديثات التخرج، لتساعدهن على استكشاف مهاراتهن وقدراتهن بشكل مبكر، كما تعمل على استعراض تجارب ونماذج ناجحة للعديد من الشباب في الفئة العمرية نفسها، وتشرح بشكل مستفيض أساسيات القدرة على اكتشاف الذات ومعالجة نقاط الضعف، وقد ساهم هذا الوجه لدور النشر والكتّاب في تعزيز إقبال الشباب على شراء هذه الكتب سواء بنسخها الورقية أم الإلكترونية، كما ساهم من جانب آخر في زيادة متابعة الشباب للمتخصصين في هذا المجال عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تبث المحتوى المرئي من خلال الفيديوهات».
اقرأ أيضًا: احزمي حقائبك .. هذه فوائد السفر وحدك