يجري الحديث أحياناً عن لغة العيون، فإذا كانت بعض العيون تبدو محايدة النظرات أو بليدة التعبيرات، فإن هناك عيوناً تشع بالمعاني، عيوناً ناطقة، ومجرد النظر فيها يكشف ما إذا كان صاحبها في لحظة النظر تلك حزيناً أو فرحاً، ممتعضاً أو راضياً، فيما يوصف البعض بأنهم ضاحكو العيون.
أجمل العيون هي تلك التي تضحك، وبالمناسبة فإنها جميلة أيضاً عندما تبكي. ألم يقل نزار قباني: «إني أحبك عندما تبكينا».
بالمقابل هناك من يرى خطأ اعتماد حاسة النظر وحدها مقياساً لحكمنا على شخص ما، فقد تنخطف العين بشخص ما، والنظرة الأولى كثيراً ما تكون خادعة، ربما لأنها تنصرف نحو الشكل ولا تخترق الجوهر الذي لا يمكن معرفته إلا بعد شيء من الألفة، يقصر أو يطول، وكلما ازداد نضج الإنسان، رجلاً أو امرأة، تضاءلت عنده مساحة الانطباع الأولي السريع لصالح البحث في العمق، في مكنون النفس الأخرى، الذي يلزمه جهداً ووقتاً لمعرفته.
لكن ليس للعيون لغة فقط، وإنما لها ألوان. نحن العرب، مثلاً، مأخوذون بالعيون السود. اقترب بدر شاكر السياب من هذه الفكرة حين صوّر عيني الحبيبة في «أنشودة المطر» بقوله: «عيناك غابتا نخيل ساعة السحر، أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر، عيناك حين تبسمان تورق الكروم، وترقص الأضواء... كالأقمار في نهر»، إنه اللمعان الحاد الذي يشع في بعض العيون التي تشع طفولة وذكاء وإيحاء. هذا النوع من العيون لا تعرف كتمان السر، كأنها تكاد تنطق، ولبلاغة نطقها فإنها توقظ ما في النفس من خفايا وخبايا.
ليست كل العيون سوداً، وللعيون بألوان أخرى، غير الأسود، جمالها أيضاً، ومؤخراً اهتمت دراسة، وصفت بأنها الأكبر من نوعها في مجال الجينات، قام فريق من الباحثين بقيادة جامعة كينجز كولج لندن البريطانية ومركز إيراسموس الطبي بجامعة روتردام الهولندية بتحليل جينات ما يقرب من 195 ألف شخص في قارتي أوروبا وآسيا، ليخلص إلى أن ألوان عيون البشر هو أمر أكثر تعقيداً مما اعتقده العلماء سابقاً.
ويفيد الموقع الذي أورد هذه النتائج، أنه بناء على دراسات سابقة تعرفت إلى جينات مسؤولة عن تحديد ألوان العيون، مع توقع وجود المزيد من الجينات خلف الأمر، نجح فريق بحثي دولي في الكشف عن 50 جيناً بشرياً جديداً مسؤولة عن لون العيون، وأن الدرجات المختلفة من اللون البني التي تتسم بها عيون الآسيويين، تشابه في التركيب الجيني لها عيون الأوروبيين المتراوحة ما بين اللون البني الداكن وصولاً للون الأزرق الفاتح.