19 أغسطس 2021

د. حسن مدن يكتب: عطلتان أم عطلة؟

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"، صدرت له مجموعة من الكتب بينها: "ترميم الذاكرة"، "الكتابة بحبر أسود"، "للأشياء أوانها"، &a

د. حسن مدن يكتب: عطلتان أم عطلة؟

ليس كل الناس على هوى واحد فيما يتصل بالعلاقة مع إجازاتهم السنوية، هناك من يفضل أن يقضي إجازته في بلده، بل يجد متعة في المكوث أطول ما يمكن في البيت. ينام وقت يشاء، ويصحو وقت يشاء، يستمتع بالكسل، يقلّب محطات التلفزة، باحثاً عمّا يسلي ويبهج، لا ما يكدّر أو يحزن، ولا بأس لو تابع أفلاماً أو مسلسلات بشكل متواصل.

بالمقابل هناك من يتشوّق لموعد الإجازة كي يسافر، فتأخذه الطائرة إلى وجهات يعرفها، أو يرغب في التعرف إليها. في السفر سبع فوائد كما يقال. لكن غاية سفر الإجازة ليست الفوائد بالضرورة وإنما المتعة، أن ترى العين مشاهد غير مألوفة، وأن يفرّ المرء من الروتين الذي يجد نفسه حبيساً فيه طوال العام، فيكسره بالسفر.

جائحة «كورونا» أفسدت إلى حد كبير خيار السفر بوجه محبيه. هناك أولاً القلق والخوف من فكرة أن يصاب المسافر بالفيروس القاتل وهو بعيد عن وطنه وأهله، وهناك ثانياً القيود التي لا تعدّ ولا تحصى التي فرضت على السفر، قبل اكتشاف اللقاحات وحتى بعد أن بدأت حملات التطعيم بها على نطاق واسع في الكثير من دول العالم.

وحين طال أمد الجائحة فأوشك أن يبلغ العامين فقد الناس صبرهم، وها هي أعداد المسافرين تزداد بمعدلات كبيرة، لتبلغ ما لم تبلغه منذ أن انتشر وباء «كورونا».

بعيداً عن الجائحة، وبافتراض أنها لم تكن، وبعيداً عن السفر بحد ذاته، في أي خانة تضعون أنفسكم في علاقتكم مع الإجازة السنوية، أتفضلون أن تأخذوا إجازة طويلة لا تقلّ عن شهر مثلاً، في الأغلب يكون موعدها الصيف، أو أن تقسموا الإجازة إلى عطلتين قصيرتين غير مقيدتين بفصل بعينه كفصل الصيف، فيمكن لإحداهما أن تكون في الشتاء أو الربيع مثلاً؟

لا قاعدة هنا، فالأمر راجع لتقدير الشخص نفسه، وحسب خبيرة في الصحة النفسية فإن على كل شخص يعمل أن يحدد ما يجده مناسباً له، لكنها تلاحظ أن الفاصل بين إجازتين سنويتين يعدّ طويلاً، والأفضل أن يمنح المرء نفسه مجموعة إجازات قصيرة، فتأثير العطلة على الاسترخاء والابتعاد عن روتين العمل لا يرتبط بطول العطلة فحسب، ولكن بكيفية تنظيمها.

ظاهراً لا تخلو نصيحة هذه الخبيرة من وجاهة، ولكن ما إن نفكر في ارتباط الإجازة بفكرة السفر عند الكثيرين فإنها لن تكون عمليّة، ولعلّ هذا ما حملها هي نفسها على الاستدراك بالقول «بدء عطلة لمدة أسبوع برحلة جوية طويلة ليست باعثة على الاسترخاء على الإطلاق».