يلفت النظر في كتاب ألفه أنس شكشك عن «الذكاء - أنواعه واختباراته»، التقسيم الذي يقدّمه لأنواع الذكاء، فهناك الذكاء الاجتماعي والذكاء العاطفي والذكاء اللغوي والذكاء المنطقي الرياضي والذكاء الموسيقي والذكاء الجسمي الحركي والذكاء البصري والذكاء الطبيعي، وغيرها من أنواع الذكاء.
ينسب إلى حكيم عربي قوله «كل شيء إذا كثر رخص إلا العقل، فإنه كلما كثر غلا»، ولكن ألا يجمع مفهوم «الذكاء العاطفي» بين القلب والعقل؟ فحين نتحدث عن الذكاء، ينصرف اهتمامنا إلى العقل بالدرجة الأولى، وحين نأتي على ذكر العاطفة، ينصرف الاهتمام إلى القلب، فكأن «الذكاء العاطفي» حاصل جمع الاثنين: القلب والعقل.
مؤلفة كتاب «ذكاء القلب»، إيزابيل فيليوزات، تؤكد أن للغة العواطف قواعدها، وتطالب بضرورة إعطاء دراسة العواطف والانفعالات مكانتها التي تليق بها في مناهج التعليم، والكف عن الاستخفاف بالقلب بوصفه مصدراً للمعرفة، وأساس هذه الدعوة هو أهمية السعي إلى تهذيب انفعالات الإنسان، كي يصل إلى مرحلة «النضج العاطفي» التي تجعله أكثر مقدرة على فهم عالمه الخاص وعوالم الآخرين.
وهنا أيضاً يبرز السؤال: أليس النضج قرين العقل عادة، أي قرين الذكاء وفق الفهم الشائع؟، ونحار في تحديد ما هو الذكاء، ولعل هذا هو السبب الذي حمل أحد العلماء على القول إن «الذكاء هو ما لا أعرفه، وبه يعبر الإنسان عن تميزه مقارنة مع الكائنات التي تحيط به».
سعى فلاسفة وعلماء نفس إلى تحديد هذا «الشيء الذي لا نعرفه»، فرأوا، على ما يقول واضع كتاب «مديح الاختلاف» ألبير جاكار، أن الذكاء هو مجموعة كفاءات، قدرات، شكل للطاقة لا نستطيع، ولن نستطيع أبداً، معرفة طبيعتها، لكننا نلمس بعض تجلياتها، والاستنتاج المهم الذي يراه هؤلاء العلماء، هو أن الذكاء «مجموعة سمات كمية أكثر منها كيفية»، إنه مجموعة ملكات تطوّرت وقابلة للتطور.
ولأن الحديث عن الذكاء، أنقل إليكم بعض ما قرأته لإعلامية عربية اسمها سارة إبراهيم عن بعض مؤشرات هذا الذكاء، وبينها: القدرة على قراءة وتنظيم المشاعر والعمل مع الآخرين، والتعاطف معهم في المواقف الصعبة، امتلاك مهارات لاجتراح حلول جديدة، مبتكرة، للتغلب على المشكلات اليومية، سواء كانت تخصّ الشخص نفسه أو من هم في محيطه أو تخصّ قريبين إليه.
من أهم سمات الذكاء العاطفي أيضاً، حسب الكاتبة، القدرة على إظهار التعاطف، الصادق وغير المفتعل، مع الآخرين، ممن يعانون مشاكل أو يشعرون بالغضب والحزن الناجم عن خيبات أو مشاكل تواجههم في الحياة، والسعي للتخفيف عنهم مما يشعرون به من إحباط، ورفع معنوياتهم، ومساعدتهم على تجاوز محنهم.