خلص العلماء مؤخراً إلى أن هناك إمكانية لتسكين آلام الجسم من خلال استرجاع الذكريات الجميلة، أي الحنين للماضي، وهي معالجة طبيعية تغني عن استخدام المسكنات التي يتم التحذير منها إلا عند الضرورة القصوى بسبب تأثيرها السلبي كغيرها من العقاقير الأخرى.
ما توصلت إليه الدراسة
في دراسة حديثة قام علماء من الصين بقياس نشاط الدماغ لدى 34 مشاركة من مستخدمي اليد اليمنى، تتراوح أعمارهن بين 18 و 25 عامًا، حيث قاموا بتقييم مستويات الحنين إلى الماضي للصور وصنفوا مدى شعورهن بالألم عند تعرضهن لمنبهات ساخنة، في الوقت الذي كانت تُعرض على مجموعة منهن صور لم تكن خاصة بأفراد بل كانت مزيجًا من الصور التي تعرض مشاهد وعناصر من مرحلة الطفولة المتوسطة، مثل حلوى كانت شهيرة في تلك الفترة أو برامج تلفزيونية كرتونية محببة للشخص في ذلك الوقت، أو لعبة في ساحة المدرسة كان يشارك فيها الطلاب في تلك المرحلة.
أُعطيت مجموعة أخرى (مجموعة التحكم) صور تظهر مشاهد وأشياء من الوقت الحالي.
أبلغت المشاركات عن انخفاض في شعورهن بالألم عقب استدعاء ذكريات جميلة، ولكن بشكل عام أدى عرض صور الحنين إلى تقليل معدلات الألم بصورة ملحوظة مقارنة بمشاهدة الصور الحالية.
هذا جعل العلماء يعتقدون بأن هناك إمكانية لاستغلال الذكريات الجميلة لتكون بمثابة نوع من مسكنات الآلام.
هل يوجد علاقة بين الذاكرة وإدراك الألم
لم يتضح تأثير الذكريات في الدماغ بشكل واضح لكن الخبراء يقولون إن هناك علاقة بين الذاكرة وإدراك الألم، ويرى المتخصصون بأن في كل مرة نتذكر فيها تجربة ما فإننا بالضرورة نعيد تنشيط الخلايا العصبية وتواصل الشبكات داخل الدماغ، وهذا يعني أيضًا أن في كل مرة نتذكرها ونعيشها نقوم بإصلاح هذا التواصل، كما أن مجموعة جديدة ومختلفة من الخلايا العصبية والشبكات الدماغية تعمل معها أيضًا لأن المتذكر يكون بالضرورة في مكان وزمان مختلفين، ونتيجة لذلك يمكن تكوين روابط عصبية جديدة بين التجارب القديمة والجديدة، وهذا هو السبب في أن الذاكرة لا يمكن الاعتماد عليها بشكل عام بل فقط عندما تكون الذكريات عاطفية.
عندما تأتي الذكريات الجميلة فإن تذكر سرد صغير أو ذكرى حدث أو موقف من الماضي يثير مشاعر ممتعة في الوقت الحاضر، وربما أن هذا يُمكِّن المريض بسهولة من التركيز على الأفكار والمشاعر العاطفية لفترة من الزمن بدلاً عن التركيز على الآلام الجسدية التي يشعر بها.
فكلما كان الشخص قادرًا على إثارة تلك الأحاسيس والأفكار والمشاعر بشكل أكثر وضوحًا كلما بدأ يتعامل بشكل أكثر فاعلية مع الألم والمشاعر غير المريحة كالخوف والقلق والمعاناة المرتبطة بالوضع الحالي.
التخيل الموجه
يُعد التخيل الموجه، الذي يستخدم فيه الشخص الحواس الخمس، أفضل طريقة لتذكر الذكريات المفيدة، وأن استخدام الحنين إلى الماضي لتخفيف الآلام هو نوع من تلك الممارسة وكلما تدرب الشخص على ضبط انتباهه لشيء معين، كلما تمكن من الوصول إلى هذا التناغم مستقبلاً. بمعنى آخر، كلما قام بذلك أصبح الأمر أسهل، وممارسة هذا النوع من اليقظة يمكن أن يساعد الإنسان على تصفية «الضوضاء» بشكل أفضل والتركيز على الممارسة المطلوبة (مثل التنفس والجسم).
تعتمد القوة العلاجية بشكل كبير على جودة تلك العلاقة بين المعالج والمريض، أي الثقة والاستعداد، وأن يكون المريض متقبلاً للمعالج ولديه صورة ذهنية جيدة عنه.
وتتلخص مفاتيح تحقيق أقصى استفادة من ذاكرة الحنين إلى الماضي: