18 مايو 2022

د. هدى محيو تكتب: من يدمن على الهاتف الذكي؟

أستاذة وباحثة جامعية

د. هدى محيو تكتب: من يدمن على الهاتف الذكي؟

كم من الوقت تظنون أنكم أمضيتم على هاتفكم الذكي اليوم؟

هل أرسلتم فقط بضع رسائل وألقيتم نظرة خاطفة على آخر الأخبار؟

أو ربما أمضيتم وقتًا أطول على الإنترنت والشبكات الاجتماعية؟

في الحقيقة الهاتف الذكي معنا من الصباح إلى المساء. بمجرد أن نفتح عيوننا صباحًا نتلقفه لنطلع على آخر ما وصلنا منه، وفي المساء، بعد أن نقضي معه بعض الوقت على الألعاب الإلكترونية، نضعه إلى جانب السرير إلى اليوم التالي وهلم جرّا... وهكذا.

يمضي الناس ما معدله ثلاث ساعات يوميًا على الهاتف بحسب إحصاءات أجريت في أوروبا، وقد زاد تعلقنا بهذا الجهاز بعد «كورونا» نظرًا إلى فترات الحجر التي أمضيناها بصحبته. وعلى الرغم من أن عمره معنا لا يتعدى الخمسة عشر عامًا، إلا أننا لم نعد نستطيع منه فكاكًا.

فهل يجوز وصف هذه الحالة بالإدمان؟

لم يقدم العلم جوابًا عن هذا السؤال بعد، لكن منذ فترة وجيزة، أرسل النواب العامون في 44 ولاية في أمريكا كتابًا إلى مؤسس مجموعة «فيسبوك»، مارك زوكربرغ، ينقلون إليه نتائج عدد من الأبحاث التي تفيد عن وجود علاقة بين استخدام «إنستغرام» وبين ارتفاع في حالة القلق النفسي والسلوكيات الانتحارية ضمن فئة الشباب.

وقد عُزِيَ السبب إلى تأثير المقارنة الدائمة المؤذية على الشباب في سن المراهقة وبالأخص مع استعمال مرشح الجراحة التجميلية لتحسين المظهر في الصور، هذا بالإضافة إلى اضطرابات السلوك الغذائي وأعمال التحرش على الإنترنت.

لكن هل يتساوى الجميع، شيبًا وشبانًا وشابات، أمام هذه المخاطر؟ يبدو أن الأمر ليس كذلك. ففي العام 2019، كشف عالم نفسي في جامعة «أولم» السويدية عن أن بعض أنواع الشخصيات تكون أشد تأثُّرًا عند استخدام الهواتف الذكية بشكل مفرط، كما في حال الناس الذين يتمتعون بدرجة قليلة من الترتيب والتنظيم والالتزام بالأعمال والمواعيد، أو في حال الناس الذين لا يحسنون التعاون والوثوق بالآخرين أو التعاطف معهم وأيضًا في حال أولئك الذي لا يحسنون السيطرة على أنفسهم ويتصرفون طبقًا لنزعة فورية ويعجزون عن مقاومة متعة آنية ومباشرة.

فقد تبين أن هذه الأنماط من الشخصيات تقضي وقتًا أطول على الشبكات الاجتماعية. هذا بالإضافة إلى الفوارق القائمة بين الجنسين، حيث إن النساء يستخدمن هواتفهن أكثر لإقامة الأحاديث في حين أن الرجال يفضلون ألعاب الفيديو.

تبقى هذه دراسات أجريت على مجتمعات غير المجتمعات العربية وبإمكاننا الاستنارة بها من أجل اتخاذ بعض إجراءات الحيطة لأنفسنا ولأولادنا، لكن حبذا لو تجرى دراسات على مجتمعاتنا تفيدنا وتوجه الأهل والمربين فيها.