31 مايو 2022

د. هدى محيو تكتب: لماذا نحتاج إلى بطل؟

أستاذة وباحثة جامعية

د. هدى محيو تكتب: لماذا نحتاج إلى بطل؟

لماذا تحتاج الناس والشعوب إلى أبطال، وما هو تعريف البطل؟ البطل هو شخصية استثنائية بشجاعتها أكثر مما هي استثنائية بنجاحها، فرجل الأعمال الناجح لا يُصنَّف بين الأبطال.

والبطل إنسان أقوى من سائر البشر وقادر على إنجاز أفعال لا يستطيع آخرون القيام بها. كما أنه مستعد للتضحية براحته وسعادته وحتى حياته دفاعًا عن القيم التي يؤمن بها، كقيم العدالة والشرف والحرية...

ثمة أبطال حقيقيون عاشوا وماتوا مجهولين كأولئك الذين قفزوا في أمواج متلاطمة لإنقاذ غريق أو في نار مستعرة لإخراج العالقين فيها. وثمة أبطال سجل التاريخ أسماءهم لكنهم ليسوا بالضرورة أبطالاً بالمعنى المذكور سابقًا، لكنهم كذلك في عيون شعوبهم.

ومن بين هؤلاء «الأبطال» غير المتفق عليهم نجد مثلاً «الجنرال كاستر» في الولايات المتحدة وقد قاد بدافع من كبرياء أعمى كل جيشه إلى الانتحار أمام تكتل جيوش أكبر منه. فما هي وظيفة الأبطال بالنسبة إلى الشعوب؟

يؤكد علماء التاريخ والاجتماع أن الأبطال موجودون على الدوام في فجر كل ثقافة إنسانية والملاحم التي تحكي سيرهم تولد حينما تدرك مجموعة من البشر ذاتها وتخلق نماذجها وتحتفي بنفسها من خلالهم، ولمَا كنا نذكر بطلاً من أبطال التاريخ لولا الحكايات التي كُتبت عنه.

وهكذا تعشق المجتمعات الأبطال الذين بنتهم لأنهم يرفعون معنويات الناس ويقيمون لحمة بينهم ويسهمون في بناء هوية مشتركة. هذا بالنسبة إلى الدور الإيجابي، ولكن أليس ثمة دور سلبي يمكن أن يقوم به البطل؟

يقول المحلل النفسي «بوريس سيرولنك»، «قل لي من هم أبطالك، أقول لك ما تعانيه».

فالسؤال الأساسي الذي يثيره الأبطال أحيانًا هو اختيارهم لمثلهم العليا، كما فعل هتلر حين دافع عن مثال النقاء العرقي وكان بطلاً في عيون جزء لا يستهان به من الشعب الألماني وكلنا يعرف ما سجله بعدها التاريخ من مجازر وحروب بسبب هذا المثال الأعلى.

فالمشكلة هنا أن الناس تتبع البطل من قريب أو بعيد، هي على الأقل توافق على أعماله وتتماهى معه وفي أقصى الحالات تحاول أن تشبهه فتقلد تصرفاته وتطيعه بشكل أعمى، حتى لو كان يمارس أعلى درجات العنف سواء أكان على شعبه أم على الشعوب الأخرى.

لذا، فإن من الحكمة، قبل أن نختار بطلاً نسير خلفه، في حال كنا بحاجة إلى ذلك، أن نتوخى معرفة المثل والأهداف العليا التي يسعى إليها ومدى ملاءمتها للمثل الإنسانية العامة والشاملة حتى لا ننجر بعدها إلى مواقف وسلوكيات لا علاقة لها بالبطولة الحقة.