يُحكى ويُقال الكثير عن غيرة المرأة من المرأة، في حين أننا لا نسمع أحداً يتندّر بغيرة الرجال من الرجال. فهل الرجال بمنأى عن هذا الشعور الذي يحزّ في القلب ويدفع إلى القيام بتصرفات طفولية؟
وفي حال لم يكونوا كذلك، وكانت الغيرة تنهش قلوبهم هم أيضاً، فهل ثمة من فرق بين غيرة النساء وبين غيرة الرجال؟ وما هي الكلمة الفصل في هذا الموضوع؟
في مجال علم النفس، لا يمكن الرد على سؤال أو الجزم بالإجابة عنه إلا بعد إجراء اختبارات على نطاق واسع، وهذا ما فعلته جامعة أوكلاهوما الرسمية في الولايات المتحدة لتحدد الاختلافات في مجال الغيرة بين الرجال والنساء.
في هذه الدراسة، طُلِب من النساء كتابة قائمة تضم اسم أقرب صديقة لهن، واسمين لصديقتين أقل قرباً واسمين لسيدتين من معارفهن، سواء أكانتا من الجيران أو من الزميلات.
وطُلِب من الرجال الشيء نفسه ولكن في ما يخص أصدقاءهم ومعارفهم من الذكور. ثم قيل للمشاركين من الجنسين أن يتخيلوا أن شخصاً آخر يقيم علاقة تزداد روابطها قوة مع كل من الأشخاص الذين ذكروهم، ثم أن يقدّروا درجة الغيرة التي قد يشعرون بها في وضع كهذا.
وكانت النتيجة أن أقوى مستويات الغيرة التي شعرت بها النساء طالت وضعية أفضل صديقة لهن حين تقيم علاقات وثيقة مع إحدى الغريبات عنها. في المقابل، جاءت غيرة الرجال لتفوق غيرة النساء حين حاول شخص من معارفهم الاعتياديين ربط علاقة وثيقة مع صديقهم.
كيف السبيل إلى تفسير هذه الظاهرة؟
بحسب نظرية «النزاع بين المجموعات» يراقب الرجال من كثب التحالفات بين الأفراد ضمن المجموعة التي ينتمون إليها، وهذا منذ نعومة أظفارهم، في الفرق الرياضية مثلاً، في حين أن النساء أشد اهتماماً بالحفاظ على العلاقات القريبة.
وقد قام علماء النفس باختبار مستويات غيرة المشاركين إزاء شخص غريب ومعزول وإزاء شخص من مجموعة منافسة وتبيّن أن ردة فعل الرجال أشد سلبية في الوضعية الثانية.
ما يعني أن الغيرة تشتعل في حالة النساء حينما تقرب إحداهن من صديقتها المفضلة في حين أن الرجال يغارون من أي منافس يقترب من صديقهم أو من مجموعة أصدقائهم. والخلاصة أن الغيرة مستعرة في النساء كما في الرجال وأكثر.
للغيرة وجوه كثيرة وهذا أحدها، ومع تغيير حرف الجر: أغار على صديقتي أو صديقي وأغار من صديقتي أو صديقي، تختلف الصورة بالكامل، ليتبقى لدينا يقين واحد وهو أن الغيرة شعور طبيعي ورائج بين الجنسين وهو ليس حكراً على النساء وحسب.