يعتبر نادي الجزيرة الرياضي بحي الزمالك واحداً من أعرق نواد القاهرة التي يعود تاريخ تأسيسها إلى أواخر القرن التاسع عشر، وتحديداً عام 1882 مع بدء الاحتلال الإنجليزي لمصر. فما هي القصة وراء تأسيس هذا الناد العريق الذي كانت عضويته مقتصرةً فقط على الإنجليز لسنواتٍ طويلة؟ ومتى أصبح للمصريين حق الانتساب له؟
اكتشفوا مع "كل الأسرة" قصة نادي الجزيرة، أو نادي الباشوات كما كان يلقبه الكثيرون، والذي ظل محتفظاً بعراقته على مدار 137 عاماً، وأصبح بعد انتهاء الاحتلال الإنجليزي لمصر، نادي النخبة المصرية.
أراد الإنجليز مكاناً يمارسون فيه رياضة الغولف
الكل يعرف ولع الإنجليز بالغولف، ولم يكن الجنود الإنجليز أي استثناء لهذه القاعدة! فعندما وجدوا أنفسهم بلا نادٍ يمارسون فيه رياضتهم المفضلة، طلبوا من الخديوي توفيق أن يوفر لهم مكاناً خاصاً بهم يمارسون فيه الغولف، فما كان من الخديوي إلا أن تبرع بجزء من حدائق قصره الخاص ليُقام فيه نادٍ للإنجليز.. فكان نادي الجزيرة.
لم يكن اسمه في البداية نادي الجزيرة
بعد أن حصل الإنجليز على الحديقة الشاسعة التي أهداها إياهم الخديوي توفيق، والتي كانت تبلغ مساحتها 146 فداناً، أسسوا ناديهم وكان يُعرف بـ "نادي الخديوي الرياضي". كان دخول النادي مقتصراً فقط على ضباط الجيش البريطاني وأفراد الجالية البريطانية، فلم يكن مسموحاً للمصريين أو أي جنسية أخرى الحصول على عضوية النادي، بأي شكلٍ من الأشكال. إلا أنه وبعد إلحاح وضغط شديدين من القناصل الأجانب في مصر، سمح لهم الإنجليز بدخول النادي على مضض.
كان يضم مقبرة خاصة لدفن الكلاب الإنجليزية
من الأمور الغريبة التي ابتدعها الجنود الإنجليز في ذلك الوقت، هو إنشاء مقبرة بداخل النادي لدفن كلابهم النافقة بها، ولم يكن مسموحاً بدفن الكلاب غير الإنجليزية بها! وظل الإنجليز يمارسون هذه اللفتات العنصرية لوقتٍ طويل حتى طفح الكيل بالمصريين فاقتحموا النادي في نهاية الأربعينيات بالقوة. وتجدر الإشارة إلى أنه بعد حدوث العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، تحول نادى الجزيرة إلى نادٍ مصري يحق للمصريين طلب عضويته.
تغير اسم النادي عدة مرات
في عام 1914 تم تغيير اسم النادي من "نادي الخديوي الرياضي" إلى "نادي الجزيرة الرياضي"، ثم تغير الاسم مرةً أخرى ليصبح نادي "أمير الصعيد"، تكريماً للملك فاروق الأول، حيث كان هذا هو لقبه. إلا أنه لم يستمر العمل بذاك الاسم سوى عاماً واحداً ليعود اسم "نادي الجزيرة" مجدداً إلى الساحة. وقد كان مجلس إدارة النادي يضم عدداً من الأسماء المعروفة في ذلك الوقت، مثل "اللورد كرومر" قنصل بريطانيا في مصر في الفترة ما بين 1883 – 1907، إلى جانب بعض الأمراء والنبلاء المصريين.
ماذا حدث للنادي بعد جلاء الإنجليز؟
بعد جلاء الإنجليز عن مصر، أصبح من حق المصريين الحصول على عضوية النادي لأول مرة في تاريخه، واكتسب النادي ، الذي كان دخوله مقتصراً فقط على الإنجليز، شعبيةً كبرى بين أفراد الطبقة الأرستقراطية وصفوة المجتمع المصري في هذا الوقت. وإلى يومنا هذا، لا يزال نادي الجزيرة يجذب المشاهير والشخصيات البارزة في شتى المجالات، سواء السياسية أو الفنية أو ريادة الأعمال، فتجد من بين أعضائه أسماء عريقة راحلة وأخرى لا تزال على قيد الحياة ، على سبيل المثال السيد عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية ، والسيد أحمد ماهر، وزير الخارجية الأسبق، والأديب الشهير محمد حسنين هيكل، والصحافي والروائي أنيس منصور، والموسيقار الكبير عمر خيرت، ورجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس. كما كانت الفنانة فاتن حمامة والفنان عمر الشريف والمخرج يوسف شاهين من أبرز أعضاء النادي من الوسط الفني.
تم تقليص مساحة النادي بعد ثورة 1952
بعد ثورة يوليو عام 1952، انضم جميع رجال مجلس قيادة الثورة إلى نادي الجزيرة، وعلى رأسهم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي كان يطلق على النادي وقتها "نادي أولاد الذوات". وفي 20 فبراير 1957، وافق جمال عبد الناصر على منح مساحة كبيرة من أرض النادي، تعادل ثُلثي مساحته تقريباً، للمجلس الأعلى لرعاية الشباب، لتنخفض بذلك مساحة النادي فتصبح 52 فداناً فقط.