21 نوفمبر 2023

المصمم أحمد القطان: جميل أن نصمم للإنسان وللكائنات الأخرى مثل طيور الحمام

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

المصمم أحمد القطان: جميل أن نصمم للإنسان وللكائنات الأخرى مثل طيور الحمام

نجح المصمم السوري أحمد القطان، المقيم في دبي، في الحصول على جائزة «الأشغال المدنية» لمسابقة التصميم في أسبوع دبي للتصميم، هذا العام، فمن خلال مشروعه «ديزاينست» تمكن من تصميم أماكن للاستراحة والاستظلال في المساحات المفتوحة، ولم يغفل في تصميمه الاهتمام بالكائنات الحية الأخرى، مثل الحَمام، فصمّم مساحة اجتماعية حميمة في الهواء الطلق على طراز الشرنقة، ليوفر الظل والمقاعد للبشر، ومأوى للحمام في الوقت ذاته.

حاورت «كل الأسرة» القطان صاحب التصميم الفائز في مسابقة هذا العام، والذي يحمل اسم « ،«Designest وهو مستوحى من الأهمية التاريخية لأبراج الحمام في شبه الجزيرة العربية، حيث تتميّز المباني غالباً بأقواس جميلة، ونقوش مفصّلة لتوفر ملاذاً للحمام أثناء الطقس القاسي، وجمع فضلاته لاستخدامها كسماد:

المصمم أحمد القطان: جميل أن نصمم للإنسان وللكائنات الأخرى مثل طيور الحمام

كيف حضرت في ذهنك فكرة أن تكون المظلة بيتا للحمام؟

عندما جلست للمرة الأولى لأقوم باستجماع أفكاري للمشاركة في مسابقة أشغال حضرية التي طلبت تصميم أماكن للجلوس مظللة، للتجمع وتبادل الأفكار، أعددت قائمة بالمستخدمين المستهدفين من هذا التصميم، وكنت أفكر: هل نسيت أحداً؟ وخطر في بالي الحمام والعصافير الموجودة في حي دبي للتصميم، التي غالباً ما نراها تحاول الاحتماء في ظل ما يتوفر لها، وتعمل على بناء أعشاشها فوق أجهزة الإنترنت اللاسلكي الموجودة على أسقف الممرات، فقلت لنفسي: لماذا لا نصمّم لأحياء غير البشر؟ هي موجودة، ولا يمكن إهمالها، وهذا ما دفعني للتفكير. فقد كان العرب قديماً يبنون أبراج الحمام، للدلالة على الوعي البيئي، والثراء، والتباهي بفنون العمارة المحلية والتقليدية في شبه الجزيرة العربية، وبلاد الشام، وشمال إفريقيا كذلك. فجاءت فكرة الفراغ البيولوجي الشامل، للإنسان وغير الإنسان، برج حمام تقليدي في الجزء العلوي ومجلس مظلل ومكان للتجمع وتبادل الأفكار للبشر في الجزء السفلي، وأخذنا ما كان في الماضي من فكر، وأعَدنا توظيفه وتصميمه بطريقة عصرية، واستخدمنا تقنيات متقدمة ومتطورة لبنائه. التصميم ليس تقليدياً بالمعنى الحرفي بشكله، بل يوحي، بسبب بساطته الشديدة، بأنه مستوحى من العمارة التقليدية، ولكن مع بصمة مستقبلية.

المصمم أحمد القطان: جميل أن نصمم للإنسان وللكائنات الأخرى مثل طيور الحمام

هل أنت من المصممين الذين يرغبون في إحياء الماضي، أم لديك رؤية فنية تستشرف بها المستقبل؟

لا أحب أن أعرف أنني مصمم يرغب في إحياء الماضي، ولكن ربما مصمم يرغب في استخدام مميزات الماضي وانتقاء ما وفره من أفكار ولو كانت بسيطة، في بعض الأحيان، ولكنها غاية في الذكاء، ثم إعادة توظيفها باستخدام طاقات الحاضر، وإضافة لمسة استشراف للمستقبل، بهذه الطريقة أظن أننا نجمع ما تعلمناه من الماضي، مع ما نعرفه من الحاضر، ونجهّز التصميم لما نتوقعه للمستقبل، فنحن كمصممين، نقوم بتصميم مستقبل بناء على خبرة من الماضي، تصماميمنا هي أصلاً ماضٍ ما ، وستكون ماضي المستقبل.

المصمم أحمد القطان: جميل أن نصمم للإنسان وللكائنات الأخرى مثل طيور الحمام

عندما تقرأ تاريخ المظلّات في حياة البشر، هل تتوقف عند جماليات عصر معيّن في تصميم الأماكن التي يستظل بها الإنسان؟

الحقيقة، لا، كان الهدف أن أقوم بتصميم شيء غاية في البساطة، وفي الوقت نفسه، يمكن أن يذكّر المستخدم بالعمارة التقليدية التي كانت سائدة في شبه الجزيرة العربية، وأظنّ أن الشكل النهائي نابع من بساطته الشديدة التي تقوم في الوقت نفسه بإيصال الفكرة من دون لبس، فهو ينتمي بصرياً للمكان من حيث اللغة والثقافة، ولكنه في الوقت نفسه عصري، ويوحي بمظهر تكنولوجي متطور وبارامتري.

كيف التزمت في التصميم بمعايير الاستدامة؟

كنت أرغب صراحة في أن يكون التصميم مبنياً بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بالكامل، وباستخدام مواد معاد تدويرها بالكامل، والفكرة كانت أيضاً مدعومة باستخدام فضلات الحمام والعصافير كسماد للنباتات في حي دبي للتصميم، ليكون التصميم النهائي ليس صديقاً للبيئة فقط، بل منتجاً أيضاً. وأجرينا العديد من الدراسات، منها طباعة باستخدام حمض البوليلاكتيك المصنوع من النباتات والمعالج بطبقة من الأسمنت المقوّى بالزجاج، والبلاستيك المقوى بالزجاج، وحمض البوليلاكتيك الممزوج بنشارة الخشب، وطباعة ثلاثية الأبعاد باستخدام الأسمنت، وأخرى باستخدام الرمل.

وما التحديات التي واجهتك؟

بسبب عقبات تتعلق بالكلفة والوقت والوزن، اضطررنا للتعامل مع أول إنتاج على أنه دراسة مبدئية، ريثما يتسنّى لنا أن نقوم بدراسة المنتج بشكل مفصل أكثر للإحاطة بجميع حيثياته. فكان التصميم المنتج عبارة عن هيكل معدني، يشكّل الأساس الإنشائي، والحجم كان عبارة عن ستايروفوم حاولنا أن يكون معاداً استخدامه قدر الإمكان، ومعالج بطبقة من الأسمنت، وطبقتين من البلاستيك المعاد تدويره، والمقوى بالزجاج. الشكل النهائي كان عبارة عن مزيج من الطباعة ثلاثية الأبعاد، فمكان الجلوس كان مطبوعاً، وفتحات الحمام في الأعلى كانت مطبوعة باستخدام حمض البوليلاكتيك الممزوج بالخشب، والتقنية الأخرى هي تقنية نحتية أكثر منها طباعية، حيث استخدمنا ذراعاً آلية تعمل بتقنية التحكم الرقمي المحسوب CNC، ولو كان هناك إنتاج لديزاينست في المستقبل سيكون مطبوعاً باستخدام الرمل أو الأسمنت بالكامل.

حدِّثنا عن شعورك بنجاح تصميمك؟

كانت تجربة أشغال حضرية، وبناء التصميم الفائز من الألف إلى الياء تجربة فريدة حقيقة تعلمت منها الكثير، خصوصاً من الجانب التقني، وسعيد جداً لفوزي بهذه المسابقة، ودائما أقول إن المسابقات جزء مهم جداً من تجربة أي مصمم، لأنها الوسيلة الأفضل لإيصال الأفكار التي ربما لا ترى النور بالمشاريع التجارية .

 

مقالات ذات صلة